اقتناعا منهم بأن ثقافة الشعوب تعتبر حلقة مهمة في سلسلة السبل التي تؤكد من خلالها شعوب إفريقيا هويتها على نحو فردي وجماعي. ونظرا للدور الكبير الذي تلعبه الثقافة في التنمية المستدامة والتكامل الاقليمي وكذا انجاز مشروع النهضة الإفريقية أكدت الوفود المشاركة ضمن أشغال مؤتمر اتحاد وزراء الثقافة للاتحاد الإفريقي والتي سجلت مشاركة أربعين وفدا برئاسة 35 وزيرا للثقافة على ضرورة العمل على تحديد وتعزيز مساهمة المؤسسات الثقافية الوطنية والاقليمية في تفعيل دور المؤسسات الثقافية بإفريقيا من خلال تقوية الحوار الثقافي الافروعربي وتنسيق مواقف وزراء ثقافة المنطقة من اجل النجاح في الوصول إلى استحداث استراتيجية جادة وذلك سعيا منهم إلى استرجاع ملامح الهوية الإفريقية التي طمسها تأزم الاوضاع الاقتصادية والسياسية في القارة السمراء ، حيث أجمع الوزراء خلال أشغال الملتقى وقبلها خلال المائدة المستديرة التي ناقشت موضوع تدعيم الشراكة بين الاتحاد الإفريقي والمؤسسات الثقافية بإفريقيا على ضرورة صياغة سياسة ثقافية طموحة. والجدير بالذكر أن وصول وزراء الثقافة الافارقة إلى هذه الدرجة من الوعي باهمية إعادة رسم ملامح الهوية الإفريقية من خلال ابداء ارادتهم الملحة على تحقيق نهضة إفريقية تكون بدايتها ثقافية بعد سبات ثقافي أتى على أبرز ملامحنا القومية يعد خطوة مهمة ومشجعة لكل الفاعلين في هذا المجال. ولعل اختيار شعار ''النهضة'' الخاص بالمهرجان الإفريقي الثاني الذي ستحتضنه الجزائر العام المقبل 2009 والذي يندرج في سياق العولمة لهو مؤشر واضح على سعي وزراء الثقافة إلى إعادة بعث إفريقي جديد قائم على دعم أي برنامج ثقافي إفريقي جاد على غرار عرض وزير الثقافة السينغالي حول المهرجان العالمي الثالث للفنون الزنجية ودعم ترشح وزير الثقافة المصري فاروق حسني لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو وكذا المشروع التنزاني الذي حمل عنوان ''تراث تاريخ التحرر في إفريقيا'' ودعم الحكومة الجزائرية في عدد من المشاريع الثقافية التي تم عرضها خلال المؤتمر. من جهة أخرى يلمس المتتبع لحيثيات أشغال الملتقى تركيز ممثلي الدول الإفريقية على ضرورة التنسيق في مختلف المواضيع الثقافية المتعلقة بالقارة والتي من شانها تحقيق الرهانات المتعلقة ببقاء الثقافة والهوية الإفريقية بما فيها المجال المسرحي والكوليغرافي والموسيقي والسينمائي والفنون السمعية البصرية. وانطلاقا من كل هذه المعطيات التي استقيناها من بيان التوصيات التي صاغها المؤتمرون وكذا تصريحات الوزراء المشاركون تتأكد جليا نية دول الاتحاد الإفريقي نحو الاتحاد، بل ويتضح عملهم وسعيهم الجاد إلى تحقيق ذلك، لكن ومن جهة أخرى لاينبغي تجاهل المشاريع والتوصيات التي تم الاتفاق حولها سابقا بنفس درجة الحماسة التي لمسناها خلال هذا المؤتمر والتي مازالت قيد الوثائق، ومن هنا يصبح حكمنا حول جدية أشغال المؤتمر أو نجاحه مؤجلا إلى حين تحقيق ما تم الاتفاق عليه، بل وإلى حين لمس نتائج تلك المشاريع والتوصيات بعد تحقيقها على ارض الواقع.