ظل الاعتقاد القديم في مجتمعنا الجزائري أن قوامة الرجل هي قدرته على السيطرة على أسرته بطريقة بث الرعب لفرض الاحترام، محاولة منه إحكام القبضة الحديدية على بيته وزوجته وأسرته، لكن هذا النظام الديكتاتوري الذي يتبناه الأزواج غالبا ما يقلب ألفة البيت إلى ثكنة جافة من العواطف والمشاعر التي تفتقد للأسف لدى الكثير من الأسر. يسود اعتقاد لدى أغلبية الرجال أن استعمال الضغط كوسيلة لفرض النظام داخل البيوت هو القوامة التي يتباهى بها الكثيرون لكنه في الحقيقة حوّل الأسرة من دعامة للإنجاز والعطاء إلى معتقلات أو مراكز تدريب عسكري يحكمها نظام واضح ومسطر مسبقا لا يمكن الخروج عنه أو محاولة خرقه مهما كان جائرا. تلك الممارسة تنطلق من مبدإ الخوف من انفلات زمام الأمور من بين أيديهم إذا ما اتبعوا أسلوبا مغايرا يعتقدون أنه قد يفتح باب التمرد أمام الزوجة وبالتالي تنتقل السيادة من يد الزوج إلى الزوجة. وتختلف الطريقة في الوصول إلى هذا الهدف من رجل إلى آخر. لكن تبقى النتيجة واحدة، فهناك من يلجأ إلى أسلوب الترهيب كأن يطبع الغضب الدائم المصطنع ملامح وجهه حتى يخافه الأبناء ويهابون مخالفة أوامره وتوجيهاته، أو بسرعة ثورة غضبه على الزوجة لأتفه الأسباب حتى تتجنب ما يثير غضبه وتقيم ألف حساب لما قد يزعجه من تصرفات، فيصبح الجو داخل البيت مكهربا قد تثير أي شرارة خاطئة نيران الحرب، ما ينعكس سلبا على الحالة النفسية للأطفال. أما بيوت أخرى فتعرف نفس الجو لكن بعد أن تنقلب الآية وتمسك الزوجة قيادة السفينة، وتصبح فيها الآمر الناهي الوحيد وهذا هو ما يخاف منه كل زوج، أن يصبح في يوم من الأيام زوجًا عديم الشخصية، أو أن يشكل رأيه آخر الآراء في المنزل، إلى درجة قد يحتج ابنه الصغير على بعض ما تفعله أمه ولا يستطيع هو أن يحرك ساكنًا. ------------------------------------------------------------------------ ... وإضطرابات نفسية للأبناء ------------------------------------------------------------------------ المشكل غير مرتبط بمن يفرض سيادته وسيطرته على الآخر من الأولياء في البيت، كما ذكرت الأخصائية النفسية السيدة ''حركوك'' ل (الحوار)، وإنما في قدر الوضوح الذي تكون عليه الأمور، فالصراع بين الزوجين الناجم عن حب السيطرة على الآخر له انعكاسات جد خطيرة على الأبناء، سيما إذا كانت نزعة السيطرة راسخة في شخصية الأم، فهذا سيؤثر على نظرتهم لوالدهم الذي سيظهر ضعيفا أو فاقدا للشخصية ما يدفع بالبعض منهم كل حسب قوة شخصيته إلى الانحراف كنوع من التمرد على تسلط الأم أو المرأة بصفة عامة فيقدم على ارتكاب أعمال إجرامية وتحديدا ضد النساء كنوع من الانتقام، وفي أحيان أخرى يلجأ هؤلاء الأطفال إلى العزلة والانطواء كنوع من الهروب من الواقع الذي لا يقوون على تقبله وهذا هو الخطر، فلو كانت ردة الفعل بادية لأمكن التعامل منعها واللجوء إلى العلاج النفسي، ولكن في هذه الحالة ستنعكس التعقيدات النفسية على المدى البعيد ، مخلفة عنفا من نوع آخر، حيث سيلجأ الأولاد خاصة إلى استعمال القوة في التعامل مع زوجاتهم خزفا من أن يلاقوا نفس مصير آبائهم، في حين تلجأ بعض الفتيات إلى العزوف عن الزواج خوفا من تكرارهن نفس التجربة التي عشناها.