لم تكن سنة 2008 بردا وسلاما على المهاجرين الجزائريين المتواجدين بالقارة الأوروبية بعد أن أعطت هذه الأخيرة موافقتها بأغلبية ساحقة على ميثاق العودة الذي ينظر إلى المهاجر على انه مجرم ، وليس شخصا اضطرته الظروف لان يصبح كذلك ،مناقضة في الوقت ذاته طروحاتها عندما قدم برلمانيوها مشروع قانون استحداث البطاقة الزرقاء الهادف إلى جلب أدمغة الدول النامية . تهديد 8 مليون حراقا بالحبس ومغازلة 20 مليون خبير من العالم الثالث ووافقت دول التحاد الأوروبي على ميثاق العودة رغم المعارضة الكبيرة التي رفعتها مختلف منظمات حقوق الإنسان بالقارة العجوز التي اعتبرت هذا القانون انه تعد على الحقوق البسيطة للإنسان ، كون أن قانون الهجرة الجديد يبيح اعتقال المهاجر إلى مدة تصل إلى نحو 18 شهرا، ومنعهم من دخول البلاد مجددا إلى مدة تصل إلى خمس سنوات، إضافة إلى ترحيل الأبوين المهاجرين إلى بلدهم الأصلي وإبقاء أولادهم القصر بالقارة الأوروبية تعدي واضح على حقوق الإنسان ،كما أن ميثاق العودة الأوروبي قد لقي الاستنكار من قبل عدة دول ،ومنها فنزويلا التي هدد رئيسها ايغو شفاز بقطع البترول عن الدول الأوروبية أن تضرر مواطنيه من هذا القانون. ويوصي القانون الجديد بانتهاج سياسة انتقائية في مجال الهجرة ، وإحكام الرقابة على الحدود الخارجية وتقنين حركة دخول المهاجرين وطالبي اللجوء إلى أوروبا، والحد من تدفق اليد العاملة الأجنبية لدول الاتحاد الأوروبي ، وكذا فرض إجراءات رقابة صارمة وغير مسبوقة بالنسبة لطالبي الإقامة واللجوء واعتماد ما يعرف بالهجرة الانتقائية إلى أوروبا، وذلك من خلال استحداث البطاقة الزرقاء المشابهة ل ''غرين كارد '' الأمريكية والهادفة إلى جلب الكفاءات الإفريقية العالية ودلك من خلال منحها عقود عمل مؤقتة تصل إلى خمس سنوات في أطول فترة يمكن منحها للمستفيد من البطاقة ، إضافة إلى بعض الامتيازات الاجتماعية البسيطة الأخرى . ولكن إن من يعرف أن من كان وراء سن هذا القانون هي فرنسا، لن يستغرب ذلك مادام أن وزير خارجيتها برنارد كوشنير قال في الذكرى الستين للاحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ''إنه يجب على الفرنسيين أن لا يغيروا سياستهم الخارجية أو يتخلوا عن بعض أهدافهم بسبب بعض ما جاء في إعلان حقوق الإنسان العالمي''، مضيفا ''انه ربما كان عليه أن لا يطالب باستحداث وزارة منتدبة لحقوق الإنسان تابعة لوزارته ''على حد ما قال رئيس دبلوماسية فرنسا، والذي استطاعت بلاده من خلال استلامها رئاسة الاتحاد الأوروبي أن تخمد المعارضة البلجيكية والاسبانية التي رأت في ميثاق العودة انه لا يتماشى مع ما أسست عليه الدول الأوروبية وانه يناقض قوانين حقوق الإنسان، داعية وقتها إلى التكفل بالمهاجرين الذين وصلهم عددهم بأوروبا حسب تقديرات المفوضية الأوروبية إلى ثمانية ملايين مهاجر غير شرعي في مختلف دول الاتحاد, اعتقل منهم نحو 200 ألف في النصف الأول من عام ,2007 بينما طرد نحو تسعين ألف آخر، بسبب امتثال الدول الأوروبية لميثاق العودة الذي اقر تبعا للمنظور الفرنسي رفض التسوية الجماعية للعمال المهاجرين الذين لا يملكون وثائق. ولكن قادة الاتحاد الأوروبي ورغم إعلانهم الصريح من خلال ميثاق العودة أنهم ليسوا في حاجة '' لحثالة المهاجرين'' كما قال ساركوزي يوما ، إلا أنها في الوقت ذاته جهرت أمام الجميع بأنها في أمس الحاجة إلى أدمغة العالم الثالث والى حوالي 20 مليون منهم في السنوات القادمة خاصة في مجالي الهندسة وتكنولوجيا المعلومات ، لذلك أطلق برلمانيوها البطاقة الزرقاء المنافسة للخضراء الأمريكية ، حيث ستسمح البطاقة الخضراء للأشخاص المؤهًّلين بشكل مناسب ولعائلاتهم أيضا بالعيش والعمل في دول الاتحاد، كما ستمكن هذه البطاقة حملة الشهادات العليا في مجالات الهندسة والطب والكومبيوتر أو الكيمياء والفيزياء من الاستفادة منها كما تسمح لحاملها الإقامة المشروعة في إحدى دول الاتحاد لسنتين يستطيع بعدها الانتقال إلى دولة ثانية للعمل سنتين أو ثلاث على أن تؤهله خدمة الأعوام الأربعة والسنة الإضافية للحصول على إقامة مجددة في السنة الخامسة من العمل من دون انقطاع.