ينتظر أن تنطلق اليوم بالعاصمة الفرنسية باريس أشغال الدورة الثانية للندوة الوزارية الأورو إفريقية للهجرة التي ستناقش مسألة الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، وذلك بغياب الجزائر التي يبدو أن مقاطعتها لهذا الاجتماع نابع من قناعتها بأنها لن تقبل بأن تكون رجل شرطة في وجه '' الحراقة الأفارقة'' في ظل غياب وجود أطر واضحة من طرف دول الاتحاد الأوروبي لمعالجة ظاهرة الهجرة السرية والحد منها، مادامت هاته الدول تتحمل مسوولية تاريخية في تنامي هذه الآفة. وذكر أمس الموقع الإلكتروني ''7 على ''7 أن هذه الندوة ينتظر أن تعرف مشاركة نحو 80 ممثلا عن دول إفريقية وأوروبية منتمين إلى تكلات دولية مختلفة، منها الدول ال 27 المشكلة للاتحاد الأوروبي، إضافة إلى 15 بلدا عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وستة بلدان عن الاتحاد الاقتصادي والنقدي لإفريقيا الوسطى، إضافة إلى دول ليبيا والمغرب وتونس وموريتانيا المشكلة لاتحاد المغرب العربي بالإضافة إلى الجزائر التي ستغيب عن هذه الندوة حسبما ذكر المصدر ذاته الذي أوضح أن أوروبا ستحاول إشراك دول منشإ المهاجرين معها لمناقشة مسألة الهجرة غير الشرعية والحد منها، بالرغم من السياسة المتصلبة التي تتخذها في هذا الشأن من خلال عدم ترحيبها بالمهاجرين، فهي التي قامت هذا العام بسن ميثاق العودة الذي يجعل من المهاجر غير الشرعي مجرما من خلال إمكانية حبسه إلى مدة تصل إلى 18 شهرا على حد ما أشار إليه المصدر سالف الذكر. وإن لم تورد هاته المصادر سبب غياب الجزائر عن قمة باريس، إلا أنه من الواضح أن الجزائر لاتريد المشاركة في اجتماع يرجى منه أن تتحول فيه الدول الإفريقية وبالأخص دول الساحل الجنوبي للمتوسط إلى شرطي مهمته الوقوف في وجه ''الحراقة'' الأفارقة، خاصة وأن أوروبا تتحمل مسؤولية كبرى في بقاء هذا الحال، من خلال استنزافها لخيرات هذه الدول إبان فترة احتلالها لها، وكذا اليوم من خلال شركاتها العملاقة التي تعمل على استثمار أموالها في الدول الإفريقية في مجال الصناعات الاستخراجية فقط لنهب ثروات هذه البلدان دون أن تساهم في إحداث صناعة تحويلية بها من شأنها أن تقلل من معدلات البطالة المرتفعة التي تعرفها بلدان القارة السمراء. وفي السياق ذاته فإن مقاطعة الجزائر لهذه الندوة، يبدو أنه أكثر من منطقي، وذلك بالنظر للطريقة التي تتعامل بها أوروبا مع هذا الملف، إذ أنها لم تكتف بميثاق عودة المجرم للمهاجر، بل قام نوابها الأسبوع الماضي بالمصادقة على تقرير ينص على استحداث ''البطاقة الزرقاء'' الهادفة إلى تشجيع أدمغة العالم الثالث على الهجرة إلى أوروبا مقابل أجر مالي فقط، كما أن أوروبا تبقى لحد اليوم تحتضن بأراضيها نحو 8 ملايين مهاجر يعيشون كل وقت هاجس إمكانية حبسهم داخل مراكز تقول العديد من المنظمات الحقوقية إنها لا إنسانية، إضافة إلى أن الاتحاد الأوروبي وفي مقدمته فرنسا ترفض القيام بعملية تسوية جماعية للعمال الذين لا يملكون وثائق الإقامة، الأمر الذي يجعل برنامج التعاون المنتظر التطرق إليه والممتد من 2009 إلى 2011 مجرد حبر على ورق مالم يتم معالجة هذه القضايا الجوهرية. ويشار إلى أن هذا الاجتماع يعقد، في وقت كانت فيه منظمات حقوقية مهتمة بملف الهجرة قد طالبت بأن تكون السياسات المتخذة في هذا الشأن فرصة لمد جسورالتعاون بين شعوب القارتين، وليس بجدار هدفه حماية القارة العجوز من تدفق المهاجرين الأفارقة.