على غرار الشعوب العربية جمعاء استنكر الشعب الجزائري بمختلف مستوياته الاجتماعية المجزرة الشنعاء التي نفذها العدوان الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، والتي دخلت أسبوعها الثاني وراح ضحيتها 440 شهيد وآلاف الجرحى جلهم في وضعية خطيرة، وهو الوضع الذي أثار مشاعر الجزائريين الذين نددوا بذلك وطالبوا كإخوانهم العرب بضرورة الوقوف وقفة رجل واحد من أجل القيام بخطوة جدية تجاه ما يحدث في قطاع غزة بدل الوقوف موقف المتفرج والاكتفاء بذرف الدموع عند رؤية ما يبث في القنوات التلفزيونية. صنعت صور مجزرة غزة التي بثت عبر كل القنوات التلفزيونية في نفوس شعوب العالم كافة على غرار الجزائريين، واقعا أقل ما يقال عنه إنه مؤلم ومخزٍ في آن واحد جراء ما يعاني منه الشعب الفلسطيني من غطرسة العدو الإسرائيلي الذي ضرب بكل معاني الإنسانية عرض الحائط وبات يقتل النساء والأطفال على مرأى ومسمع العالم أجمع ومايزال يقصف بصواريخه للأسبوع الثاني على التوالي مستهدفا القطاع، ما رفع بطبيعة الحال حصيلة القتلى والجرحى الذين بلغوا الآلاف. ووسط دراماتيكية هذه الأحداث، استقبل الجزائريون العام الجديد 2009 بقلب يتمزق حسرة على إخواننا الفلسطينيين المقهورين في قطاع غزة، دون أن يملكوا شيئا لمساندتهم غير ذرف الدموع وتجرع نار الحسرة المشتعلة في قلوبهم، والتي لم تنطفئ إلا بقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس وهي المواقف التي طبعت الجزائريين الذين عبّروا من خلالها عن استعدادهم الكامل لتقديم المساعدة مهما كان نوعها لفلسطينييغزة، سواء تعلق الأمر بالتبرع بالدم والأدوية أو الأفرشة والأموال وحتى بالجهاد إن أتيحت لهم فرصة الوقوف ضد العدو الإسرائيلي، ليتناسوا بذلك كل الطقوس التي واظبوا عليها في مثل هذه المناسبة. أخبار فلسطين تطغى على البرامج التلفزيونية لمتابعة مجريات القضية الفلسطينية عن كثب، ألغى أغلب الجزائريين برامجهم الفضائية التي اعتادوا على متابعتها للتركيز على تتبّع آخر التطورات بغزة عبر الفضائيات الإخبارية العربية التي اهتمت بتسليط الضوء على الوضع في غزة، بعيداً عن التلفزيونات التي حاولت جاهدة عدم تضخيم الحدث لتخفيف غضب الشعوب المقهورة على فلسطين وواصلت بث برامج الرقص والمسلسلات الفارغة وغيرها لشغل المشاهد عن تلك الأحداث. وفي هذا الصدد ولإثراء الموضوع حاولت ''الحوار'' التقرب من المواطنين لنقل انطباعاتهم عن القضية، والطالبة ''مليسا. ب'' بجامعة الحقوق واحدة من بين الكثيرين الذين اعتبروا الأحداث الذي يعيشها الفلسطينيون بمثابة كارثة إنسانية ومن غير المعقول أن نقف موقف المتفرج على إخواننا وهم يقتلون بتلك الطريقة البشعة ومحاصرون في تلك الظروف ومحرومون من كل متطلبات الحياة الكريمة ليبقي العرب مكتوفي الأيدي، خاصة وأن الهلال الأحمر لم يتمكن منذ حوالي 18 شهرا من إدخال المساعدات للأراضي الفلسطينية، خاصة وأن إسرائيل لم تسمح إلا بإدخال القليل من المساعدات في الوقت الذي تغرق فيه غزة في مشكل انقطاع التيار الكهربائي، لتتلون الأوضاع بالسواد أكثر وتتحول إلى كارثة إنسانية حقيقية. في حين عبرت السيدة سليمة عن الوضع المر الذي يتخبط فيه الشعب الفلسطيني بالإجهاش بالبكاء كلما شاهدت تلك الصور القاتمة عبر القنوات الإخبارية المعتمدة التي لا تنقطع عن بث كل أخبار غزة الجريحة التي تنزف دماء شهدائها بمعزل عن العالم. أما السيدة زاهية ماكثة في البيت فعبرت عن عميق حزنها وألمها بعيون تملؤها الدموع لما يحدث في فلسطين والمجزرة الرهيبة التي يرتكبها الصهاينة في حق الفلسطينيين العزّل والأبرياء، وسط تخييم الصمت العربي المخزي والمذل، مضيفة أن عزاء الشعوب العربية الوحيد في ظل خذلان حكامها لها هو أملهم في أن تتحرر فلسطين يوما ما حتماً، وأن العرب سيستفيقون من سباتهم لنصرة الأراضي المقدسة من العدو الإسرائيلي الغاشم، لتكون القدس عاصمة فلسطين. فيما عبر العديد من المواطنين عن الأوضاع المؤلمة في غزة بأضعف الإيمان، بالتنقّل إلى مقر السفارة الفلسطينية في الجزائر، حاملين آلامهم وآمالهم ومساندتهم المعنوية لأشقائهم في فلسطين، والدعاء لهم بالثبات والنصر والصبر، واحتساب كل من سقط برصاص الاحتلال الصهيوني شهيدا في جنة الخلد.