في غمرة المواقف المخزية التي تداعب الأجفان ليلا ونهارا ، ومن خلال ماتنقله شاشات التلفزيون ، لمواقف منبطحة تتبناها كثير من دول الطوق، التي أضحت حقيقة طوقا على رقابنا ؤأنفسنا نحن العرب، ليس من أمل نتعلق به غير أن نتذكر من مروا على الطريق نفسه وتعرضوا لما تعرض له أبناؤهم من مواقف واختبارات، لكنهم ماخضعوا وماخنعوا. وقد سطرت كتب التاريخ بين أسطرها من كانوا حقيقة صدى صوت المعتصم لما استنجدته المرأة بصيحة ''وامعتصماه'' فأنجدها حين سار بجيش أدب به من أراد هتك حرمة امرأة يرى أنه مسؤول عنها مسوليته على أولاده الذين نسلهم، أو ماتقرؤه بين ثنايا هذه الكتب عما كان من موقف الرشيد لما بعث إلى ملك بني الأصفر حين تجرأ وهدد وأرعد: من عبدالله هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم...'' والبقية تعرفونها أو لتعبروا عنها كما تتخيله أنفسكم المغيضة من أبناء الروم وبني إسرائيل، ومالنا والذهاب بعيدا في أغوار التاريخ لنرى في تاريخنا المعاصر من وقف في وجه بني صهيون موقف الأعزاء فهذا جد الدولة السعودية بعد قرار هيئة الأممالمتحدة القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، يطلب من أبيه قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة . وكيف زار القدس لأول مرة في حياتة بعد حرب 1948 وذلك في عام 1965م من القرن العشرين وأكد على نيته في زيارة القدس للمرة الثانية بعد تحريرها من الصهيونية والصلاة في المسجد الأقصى. هذا ماكان قد كان عزم عليه الملك فيصل بن عبدالعزيز، لكن الذين يتوجسون وويحسون من عربي أنفة وعدم قبول ضيم، يعجلون بإنهاء عمره قبل أن تمتد أنفاسه الأبية لبقية الشعب. فيصير بداخل كل رجل عربي المعتصم والرشيد وفيصل وبومدين وعبدالناصر ....إلخ ثم إن هذا الرجل قد هدد الغرب بإغلاق جميع آبار النفط إذا لم تعد القدس للمسلمين. وقام على تصدر الحملة الداعية إلى قطع النفط العربي عن الولاياتالمتحدة والدول الداعمة لإسرائيل في نفس العام. وكان هو صاحب المقولة المشهورة التي قرّع بها كيسينجر وزير خارجية أميركا حيث قال:''هل ترى هذه الأشجار..؟ لقد عاش آبائي وأجدادي مئات السنين على ثمارها. ونحن مستعدون أن نعود للخيام ونعيش مثلهم، ونستغني عن البترول، إذا استمر الأقوياء وأنتم في طليعتهم في مساعدة عدونا علينا''. والحقيقة أن فن الامتناع والاكتفاء بالضروريات كان حريا أن ينسب إلى هذا الرجل عوض نسبته لذاك الأسمر النحيف الذي أعلنها في وجه البريطانيين ثورة سلمية دعا فيها شعبه للصيام ، والامتناع عما تنتجه بلاد الضباب.حتى قال الشاعر أحمد محرم: لقد صام هندي فروع دولة فهل ضار علجا صوم مليون مسلم المعهود في الثقافة السياسية أن الحاكم كلما كان صدى شعبه والمعبر عن آلامه وآماله، كلما زاد حب الشعب له والتصاقه به، وماقام به الرئيس هوغو شافيز من طرد للسفير الإسرائيلي لم يجعل شعبه فقط يزداد به اعتزازا وإعجابا بل جعلنا نحن العرب نعتز به لأنه دافع وذاد عن الحياض بالمتاح له ، ورب أخ لك لم تلده أمك، بل ماجعلنا نكتفي بما ذكرنا من هذا الإعجاب، إذ التصور سيذهب بعيدا لنرى أن الذي ماسمحت له أنفته بعقد ولو قمة لمجرد اللقاء، يندد فيها بما يسيل من دماء، وماتزهق من أرواح الأبرياء، ثم لينصرف بعدها إلى ماشاءت له نفسه، ليس أهلا لأن يقوم بأكثر من الذي يدور في خلد العربان، مالذي يجعل هذا الرجل ''يربح العيب'' مع هؤلاء، هل هو كرهه لمن أثاروا ضده انقلابا ، هل هو كرهه للظلم المسلط من قبل الدول الكبرى تجاه المستضعفين والمعذبين في الأرض، هل هو بغض للهيمنة والغطرسة التي بلغت المدى ؟ على كل فإنني أعتبر هذا ممن سلم له العقل وسلمت منه الفطرة فصار يرى المعروف معروفا والمنكر منكرا ، وفي كل حال فإن المعتبر أيضا في هذا الظرف هو أن الساكت عن هذه الإبادة هو شريك كما قالها الطيب من بني عثمان...