في نوستالجيا الفن الجزائري الأصيل يحملنا مركز البحوث الاجتماعية بالتنسيق مع مؤسسة فنون وثقافة في الثامن عشر من الشهر الجاري عبر فضائها الفني لاستحضار ذكريات ومآثر الفنان المرحوم الأستاذ ''محيي الدين باشطارزي''، من خلال مساره الفني الإبداعي الذي ميز فترات عديدة من زمان الفن الجزائري الجميل. حيث بدأ الفنان رحلته الفسيفسائية بالمسرح والتمثيل والإخراج ثم الغناء، ليكون الورقة '' الجوكير'' في رحاب الفن الجزائري الذي يدين له بالكثير. بدأ ولع عملاق المسرح الجزائري ''محيي الدين باشطارزي '' بالمجال الفني منذ الصغر وكانت البداية بترتيله للقرآن الكريم وإنشاده للقصائد الدينية فلفت انتباه المفتي بوقندورة الذي استحسن صوته وأعجبه ترتيله القرآن الكريم وإلقاءه القصائد، وطلب منه ان ينضم الى الجامع الجديد كمقرئ وهو لم يبلغ بعد من العمر 18 سنة. بعد ذلك قدمه المفتي الى ثلاثة اساتذة وهم الشيخ محمد بن قبطان، الشيخ بن شاوش ومحمد لكحل، وفورا بدأ بشطارزي بالعمل معهم في انشاد القصائد ولقب بسيد مقرئ ''باش حزاب ''. بعدها لحق محيي الدين باشطارزي ببعض أعمدة الموسيقى الكلاسيكية في القرن التاسع عشر ومنهم المعلم موزينوويافيل، هذا الاخير الذي قدمه لجمعية المطربية التي نما فيها معرفته الموسيقية حين تعرف على مشاهير الموسيقى الكلاسيكية انذاك. العام 1919 قام المفتي بوقندوة بتشجيعه للقيام بتسجيل اسطوانة في الانشاد الديني لصالح شركة جرامافون، ليسجل بعدها ازيد من 70 اسطوانة اضافة الى العديد من الامسيات والحفلات الغنائية عبر التراب الوطني وفي فرنسا وايطاليا وبلجيكا.. . اما تسجيلاته بصفة عامة فبلغت 400 تسجيل للغناء الكلاسيكي والديني والوطني. العام 1923 استلم الفنان مهام ادارة جمعية المطربية والتي انشأ ضمنها أول خلية مسرحية جزائرية وعلى يد هذه الجمعية تخرج اشهر الممثلين الجزائريين أمثال كلثوم وعلالو وماري سوزان ولطيفة ومريم فكاي ..الخ. خلال سنوات 1940 و1950 ادار فرقة الاوبرا الجزائرية والتي من خلالها حاول دفع هذه الفرقة الى تقديم اعمال وتحريكها من الجمود عبر الاذاعة وعبر المسرح بحضور الجمهور. وبعد الاستقلال استلم ادارة الكونسيرفاتوار الوطني بالعاصمة ولمدة 7 سنوات وقام بإنشاء ذاكرة له عبر وثائق ومخطوطات للنشر بالتنسيق مع دار النور، ورغم كبر سنه الا انه كان آنذاك يشارك بمهام اخرى لجمعية الفخارجية. توفي الاستاذ محيي الدين باشطارزي يوم 6 فيفري 1986 بالعاصمة عن عمر يناهز 88 عاما ودفن بمقبرة القطار.