دعا المشاركون في اليوم الدراسي الذي احتضنه مسرح الهواء الطلق نهاية الأسبوع إلى جمع نصوص ومذكرات عميد المسرح الجزائري محي الدين باشطارزي لما تحمله من معلومات قيمة تؤرخ لمسار وتفاصيل الحياة الشخصية والفنية لتينورمدينة الجزائر القديمة، كما أ كد المتدخلون من جهة أخرى على ضرورة وضع مؤسسة تحمل إسمه تدعمها الوزارة الوصية وكتاب جامع وشامل يكون مرجعا للجيل الجديد من المهتمين بمسيرة وأعماله لمد جسر التواصل بين الجيلين. " مانداك الطبع" هي العبارة التي كان يرددها باشطارزي ليقدم بعدها ملاحظته على كل شيء كان يقلقه، هذا الرجل الذي لا يمكن الحديث عن المسرح الجزائري دون ذكر اسمه"، في اليوم الدراسي الذي بادرت بتنظيمه كل من مؤسسة فنون وثقافة لولاية الجزائر والمركز الوطني للبحث في الانتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية تحت شعار "محي الدين باشطارزي: مسار وخطابات" كان بمثابة نافدة مشرقة لاكتشاف نقاط حساسة في حياة هذا الرجل الموسوعة الذي سجل بصمته في تاريخ المسرح الجزائري. وعرف اللقاء مشاركة كل من الأستاذ و الباحث بجامعة عنابة السيد أحمد شنيقي الذي أثار الرصيد الثري لمحي الدين بشطارزي أن هذا الفنان استطاع أن يخلق من خلاله وعيا كبيرا لدى الشعب الجزائري بأهمية الفن في المجتمع وأشار إلى انه الوحيد الذي استطاع أن ينقل المسرح إلى عمق المدن الجزائرية ويتجول بفرقته في كافة ربوع الوطن على الرغم من الظروف التي كانت تميز الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي وما ميزها من مخاطر وهكذا سمح هذا الفنان-حسب ذات المتحدث- للمسرح الجزائري بتمديد جذوره فمس جميع شرائح المجتمع و ساهم في نشر الفكر المسرحي في كافة ربوع البلاد.. أكد شنيقي في سياق متصل إلى أن المسرح آنذاك أخذ "شكلا جميلا مع بشطارزي جعل الناس يتقبلونه بسهولة " مشيرا إلى انه أكمل مسيرة زميله علالو الذي احدث القطيعة مع الشكل القديم للمسرح الجزائري القائم على الاقتباس فحسب ومتجاوزا بذلك التجارب السابقة التي صبت جلها في الأدب العربي، وأدخل اللغة الدارجة في الأعمال المسرحية مثل مسرحية " جحا" وزاوج بين أعمال موليير المقتبسة وفقا للثقافة الشعبية الجزائرية. وأضاف المتحدث إلى أن باشطارزي استطاع دمج المرأة في المسرح، وكانت من بينهن الفنانة كلثوم، لطيفة ، نورة، نورية والمطربة فضيلة الجزائرية. وأشار من جانب آخر الباحث بجامعة مستغانم حاج ملياني أن باشطارزي كان يتحكم-إضافة إلى المسرح- في جميع الأنواع الموسيقية سيما المدح، الحوزي، العروبي والأندلسي مبرزا اسهاماته حفاظا على التراث الموسيقي من خلال تأليفه لأكثر من 400 قطعة موسيقية، مضيفا إلى أن العديد من أغانيه منعتها الرقابة لما رأت فيها من خطر تأليب الشعب الجزائري على المستعمر وثورته على ظروفه الاجتماعية و السياسية آنذاك التي افرزها وجود المحتل على ارض الجزائر كانت اهتماماته الوحيدة -إضافة الي التشجيعات التي كان يقدمها إلى الشباب لتعلم الموسيقى- "منصبة علي تسجيل التراث وإكتشاف المواهب الشابة مثل مصطفى سكندراني والهاشمي قروابي وأحمد وهبي. وفي نفس السياق تناول الفنان القدير الطاهر العاميري وبكل صدق تجربته المسرحية في زمن " تينور مدينة الجزائر القديمة " محي الدين باشطارزي،مستعرضا في مداخلته جوانب مثيرة طبعت حياة وشخصية الفنان كحبه للتمثيل وقوة شخصيته و كذا تدوينه لكل صغيرة وكبيرة في يومياته، وقدم بالمناسبة نداء لعائلة باشطارزي لجعل مذكرته مرجعا في متناول عشاق أعمال هذا الفنان الذي يرتبط تاريخ المسرح الجزائري بتاريخه. هو الذي كان يملك صوتا جميلا أهله في تأدية الأغنية الأندلسية بطريقة مميزة . وعرف اليوم الدراسي مشاركة كل من الأستاذ غي دواغس من جامعة منبوليي3، الذي قدم في مداخلته نظرة " ايمانويل روبلس لباشطارزي, واستعرض بالتفصيل النصوص التي ألفها الراحل بشطارزي بمعية هذا الكاتب والمتضمنة مسيرة محي الدين تم تدوينها في الفترة الممتدة بين سنة 56 و.58 وبدوره الصحفي و المؤلف عبد الحكيم مزياني تطرق في مداخلته المعنونة" بشطارزي صوت مدينة الجزائر القديمة" إلى شخصية عميد المسرح الذي استطاع أن يضع آلية مسرحية تتماشى وفقا لتقاليد الجزائريين، وتأسف المتحدث للاتهامات التي وجهت لهذا الرجل بالمولات لفرنسا، هو الذي اختير كحزاب في المسجد ومرتل للقرآن الكريم نظرا لقوة صوته .