رفعت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، تقريرا على موجة الحرائق طالت الغابات والمحميات الطبيعية والأدغال بعدة ولايات مؤخرا، حيث طالبت بضرورة تدخل وزارة الداخلية، مديرية الغابات ووزارة البيئة، وفتح تحقيق معمق إزاء هذه الحوادث المفتعلة في معظمها، والتي تسببت في إتلاف مئات الهكتارات، وإبادة أصناف من الحيوانات البرية وخلايا النحل والمداجن. وهو الأمر الذي بات يهدد الثروة الغابية الوطنية وكذا الحيوانية، ويجرّها نحو الزوال التدريجي، ما يؤثر بالضرورة على المناخ الذي سيتغير إلى مستوى أكثر حدة يجعلنا نعيش ارتفاعا قياسيا في درجات الحرارة، كما سيجعل الشمال عرضة لظاهرة التصحر، دون نسيان الخطر الذي يحدق بسلامة السكان وصحتهم وممتلكاتهم خاصة المحاذين للمناطق الغابية، وانقطاع متكرر للتيار الكهربائي وشبكات الاتصال الهاتفي. * …”مافيا الفحم” في قفص الاتهام وأشارت الرابطة إلى فرضية الحرائق المفتعلة هذا العام، بعد تعدد ونشوب الحرائق بشكل يثير الشك والاستفهام كمشاهد ألسنة النيران المشتعلة بشكل مستقيم متوازي في غابة واحدة، ونشوبها في الأدغال وغابات الصنوبر والبلوط ، بدافع استغلالها في صناعة الخشب وبيع الفحم، وحتى من أجل تحويلها إلى عقارات سكنية وفلاحية مستقبلا، في مشهد يعزز فرضية الافتعال والتعمد، حيث تداول المواطنون صورا وفيديوهات عبر وسائط التواصل الاجتماعي تظهر وجود مواد سريعة الالتهاب وسط الغابات وأخرى توثق كيفية اشتعالها بفعل بشري. ولعل الأسبوع الأخير من شهر جويلية الحالي كان المؤسف والأعنف، حيث شهد حرائق غير مسبوقة حسب مصادر من مصالح الحماية المدنية، وكانت ولايات الشلف، تيزي وزو، عين الدفلى، بجاية، تيبازة، عنابة، البليدة، البويرة، تبسة… مسرحا لهذه المأساة الوطنية. * دعوة للتبليغ عن المتسببين استعرضت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عبر مكتبها بولاية الشلف ما تعيشه معظم المناطق الغابية بولاية الشلف، مؤخرا من حرائق مهولة خلّفت إتلاف عشرات الهكتارات من الغابات في كل من بلديات بني حواء، أبو الحسن، وادي قوسين، الزبوجة، سيدي عكاشة، تنس، تلعصة.. مؤكدة أن الحرائق ستكون لها تبعات ايكولوجية سلبية، وأنها صارت عمليات ممنهجة لمافيا الغابات للقضاء على الثروة الغابية من أجل مآرب ومقاصد قاصرة لا تهتم للنتائج والمخلّفات. حيث حوّلت ألسنة النيران المشبوهة مساحات كبيرة من غابة القلعة بأبو الحسن إلى خراب ورماد تسبب في تصاعد دخان كثيف صاحبه ارتفاع في درجة الحرارة، ما أثر سلبا على المصابين بأمراض تنفسية، وفي مدينة بني حواء الساحلية فإن الحرائق أجهزت على شطر واسع من الغابات امتدت لمناطق ألما إعمرن، بوحيجب، أزويغ، أيرواو، وصولا إلى جبال بيسة، كما كانت النيران على مقربة من بعض المجمعات سكنية بوادي قوسين، ما تطلب تدخل مصالح الحماية المدنية والإطفاء وكذا مصالح الغابات الذين واجهوا صعوبة بالغة في عملية السيطرة على الحرائق، كما تم إسعاف بعض حالات الاختناق نتيجة الدخان الكثيف وتحويلهم إلى عيادة بني حواء خاصة فئة النساء الحوامل والمصابين بالربو. * كارثة ايكولوجية تستدعي التحقيق… وفي تلعصة، فإن تدخل مصالح الحماية المدنية والغابات ساهم في السيطرة على النيران بغابة تاغية وكان انتشارها سيجعلها حريقا مهولا يصعب إخماده، وشهدت بلديات سيدي عكاشة، تنس، مصدق وسيدي عبد الرحمان حرائق متفرقة، منها ما خمدت تلقائيا، ومنها ما كانت نتيجة تظافر جهود الحماية المدنية والمواطنين. ودعا المكلف بالعلاقات العامة بمكتب الرابطة بالشلف إلى ضرورة تدخل وزارة الداخلية، مديرية الغابات ووزارة البيئة، وفتح تحقيق معمق إزاء هذه الحوادث المفتعلة في معظمها، والتي تنذر بكارثة ايكولوجية تؤثر حتما على المناخ ونظام الحياة في الجزائر، مع سن قوانين صارمة لكل من تثبت صلته بجرائم حرق الغابات، ويرى أنه صار لزاما تشكيل خلية أزمة وتطبيق إستراتيجية وطنية جادة لمكافحة الحرائق وحماية الغابات من خلال مراقبة وجود فواصل تفصل الغابات الشاسعة للحد من انتشار النيران وضمان عدم استغلال تلك الفواصل من قبل الانتهازيين، وهو الأمر الذي تضمنه محافظة الغابات، ولعل المؤسف والمخزي أمام ظاهرة الحرائق هو افتقار الدولة الجزائرية رغم غناها للمعدات التكنولوجية الحديثة التي تستخدم في إطفاء الحرائق كالطائرات. وأشارت الرابطة أن المواطن الجزائري على أنه أمام موعد مع ضرورة التحلي بالحس الوطني الايجابي من خلال تبليغ مصالح الأمن أو الغابات عن أي عمل أو سلوك يضر الثروة الغابية خاصة أمام تزايد نشاط مافيا العقار الغابي وتجار الفحم مؤخرا لأن مستقبل نظامنا الوطني البيئي على المحك، وسلامة ذلك مرهون بتظافر جهود الدولة والمواطن.