خطت تونس، محطة أخرى في مسار الانتقال الديمقراطي، حيث أجريت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها بين كل من المرشحين أستاذ القانون الدستوري المستقل قيس سعيد ورجل الأعمال ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، حيث أغلقت مراكز الاقتراع في تونس على نسبة مشاركة عامة بلغت 57.8 بالمائة في الداخل، 23.5 بالمائة في الخارج، فيما دعي ما يفوق 7 ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم في هذا الاستحقاق الانتخابي. وفي مشهد يعيد للذاكرة أحداث ليلة 14 جانفي 2011، عاشت العاصمة تونس ليلة الأحد إلى الاثنين على وقع احتفالات، بخروج آلاف التونسيين إلى شارع الثورة “الحبيب بورقيبة” مباشرة عقب إعلان فوز المرشح المستقل قيس سعيّد برئاسة البلاد، احتفالا بانتصار التجربة الديمقراطية وفوز إرادة الشباب، الذي لم ينطفئ في قلبه نور الثورة. وكانت استطلاعات للرأي أجرتها مؤسسة “أمرود” قد أعلنت فوز قيس سعيّد (61 عاما) بنسبة 72.5 بالمائة من مجموع الأصوات، مقابل 27.5 بالمائة للمرشح نبيل القروي (56 عاما) رئيس حزب قلب تونس في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية. حيث تجمع آلاف المواطنين للاحتفال، رافعين أعلام تونس وصور قيس سعيّد، مطلقين الألعاب النارية، ورددوا هتافات مؤيدة لسعيّد، بينما تفاعل سائقو السيارات معهم بإطلاق الأبواق. وفي مشهد مشابه، أغلق المواطنون الشوارع في أغلب المحافظات، خاصة تلك التي شهدت حراكا ثوريا في ثورة 14 يناير على غرار القصرين وسيدي بوزيد، معبرين عن سعادتهم بوصول سعيّد إلى كرسي قرطاج. وفي غمرة الاحتفالات ألقى قيس سعيّد خطابا أمام الآلاف من أنصاره، معتبرا أن “الانتخابات نصر عظيم للديمقراطية”. وقال سعيد في مقر حملته الانتخابية، مباشرة عقب إعلان فوزه “إنه يقدر حجم المسؤولية، مشددا على أن الدولة التونسية مستمرة والقانون سيكون فوق الجميع”. ويعد سعيد سابع رئيس لتونس منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956، ورابع رئيس منذ ثورة يناير 2011. لم ينس التونسيون شهداء ثورة 14 يناير الذين رسموا طريق الحرية وأنهوا فصل الاستبداد، حيث كان العنوان الأبرز لهتافات الحاضرين “الشهيد ترك وصية لا تنازل عن القضية”، كما رفعوا شعار “يا شهيد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح”.