أكد النائب الفرنسي وعضو الحزب الشيوعي الفرنسي، جان بول لوكوك يوم الأربعاء ان عدد من الفرنسيين والجزائريين ينتظرون "اعتذارا شاملا ونهائيا" من قبل فرنسا، متأسفا لسياسة "الخطى الصغيرة" التي يتبعها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بخصوص مسألة الذاكرة بالجزائر. وفي حوار حصري أدلى به ل"لاباتري نيوز"، قال السيد لوكوك ان "العلاقات بين فرنساالجزائر معقدة جدا لكن يجب معالجتها بشكل نهائي فالفكرة التي تحملها الحكومة الفرنسية لا تذهب بعيدا في ذلك. فبالرغم من كون تقرير بن جامين ستورا هام جدا إلا أنه لا يشكل في حد ذاته ردا على علاقاتنا المعقدة سيما وأن عدة فرنسيين وحتى جزائريين على ما أعتقد ينتظرون اعتذارا شاملا و نهائيا من فرنسا". وحسب قوله فان هذه الخطوة "قد تسمح بالمضي نحو الأمام سويا والتصالح مع بعضنا وبناء علاقة سليمة وموجهة نحو المستقبل دون أن تتجاهل جراح و آثار الماضي"، مضيفا أن "المصالحة الصريحة لا يمكن تحقيقها سوى على اساس هذا الشرط". ولدى تذكيره بأنه " من خلال الوجود الاستعماري في الجزائر طيلة 132 سنة، مارست فرنسا أبشع اشكال القمع على الجزائريين" فقد اشار النائب عن منطقة سان-ماريتيم أنه بالنظر الى هذا الماضي المتميز ب "ممارسة التعذيب والاختفاء القصري والجرائم ضد الانسانية والمجازر فان من المستحيل طي الصفحة". وعن سؤال حول الاعتراف ب "مسؤولية" فرنسا في اغتيال المحامي علي بومنجل سنة 1957 وصف هذا المناضل الشيوعي استراتيجية الرئيس ماكرون حول مسألة الذاكرة في الجزائر ب "سياسة الخطى الصغيرة" تنم عن "غياب" اعادة طرح المسألة الشاملة والاعتذار عن استعمار فرنسا للجزائر.
مبادرات محصورة ومحددة
وإذ أشار الى "مبادرات محصورة ومحددة حول قضية أو أخرى" من الجانب الفرنسي، قال النائب الفرنسي "بالتأكيد تعتبر هذه المبادرات هامة من أجل تهدئة العلاقات الفرنسية-الجزائرية لكن الذي أخشاه في الصميم هو أنه طالما لن تتم مراجعة الاستعمار و انعكاساته بشكل عام فإن ذلك يوهم بأن الاستعمار تضمن أشياء ايجابية وهذا ما رفض الشيوعيون دوما تقبله". كما ذكر بأن السيد ماكرون "وعد" باعتراف قد لا يكون "أمرا معزولا" من خلال اعتماد "استراتيجية اعتراف موضوع بموضوع ومبادرة بمبادرة تسمح له بالتقدم ببطء دون اعادة النظر، بصفة عامة، في مسألة الاستعمار و نظامه القمعي والعنصري واستغلال يد عاملة تعتبر ثانوية". و أسرد المتحدث بالقول "و بصفتهم معادون للإمبريالية ، لطالما رفض الشيوعيون احتلال بلد لآخر و هي كذلك احدى اسباب التزامي من اجل تقرير مصير الشعب الصحراوي و حريته". و في تطرقه الى قرار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاخير بخصوص رفع السرية على الارشيف الذي يرجع تاريخه لأزيد من 50 سنة، اكد النائب الفرنسي بالقول "و كما اشرت اليه، ينتهج الرئيس ماكرون سياسة الخطوة بخطوة لكنني لا اعتبر ان هذه الخطوات الاخيرة كانت غير مفيدة. أنا اناضل من اجل شفافية كل الدول كما اعتبر ان رفع السرية على الارشيف مؤشرا ايجابيا من شأنه ان يسمح للباحثين و للأشخاص المعنيين بفهم أفضل لبعض المسائل المبهمة من الماضي". و في رده على سؤال حول سبب التمكن من استرجاع ارشيف الجزائر سوى في عهدة الرئيس ايمانويل ماكرون، اعتبر السيد لوكوك ان "مسألة الاستعمار بدأت تصبح موضوع اكثر منه تاريخي حيث ان الجيل الذي عايش حرب الجزائر يختفي تدريجيا تاركا المكان لجيل لم يعش هذه الاحداث بطريقة مباشرة". و من جهة اخرى، اكد النائب الفرنسي ان "صناع القرار السياسيين يرون انه من السهل التحرك الان بدلا من 10 او 20 سنة فاتت"، مضيفا ان "رفع السرية على الوثائق اقل خطورة بالنسبة للموظفين الذين قد ارتكبوا انتهاكات و الذين لا يزالون في الخدمة. ستكون الحقائق التي سيتم اكتشافها اقل اذهالا بالنسبة للرأي العام". كما ابدى المتحدث استياءه "لنقص الشجاعة السياسية للدولة الفرنسية التي انتظرت قرابة 60 سنة بعد اتفاقيات ايفيان من اجل المضي قدما". و ختم السيد لوكوك بالقول "طالما لم تشكك الدولة الفرنسية في احتلال الجزائر والمستعمرات الاخرى، ستظل هذه الخطوة غير كافية".