شكّل قرار تعديل الدستور في الجزائر جبهات عديدة، حيث تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض له، وحتى بين الداعين لتعديله، حيث طغى أمره على الساحة السياسية في الجزائر هذه الأيام، وقضيته شغلت بال العام والخاص، وخلقت تناقضات وخلافات عديدة بين الأحزاب السياسية.وأكدت العديد من الأحزاب السياسية أنها مع تعديل الدستور في الجزائر، ولكن الاختلاف الذي وقع بين الأخيرة يكمن في التوقيت والطريقة التي سيعدل بها، وكذا في المضامين التي سيحملها، حيث أكد رئيس حزب الكرامة محمد بن حمو أمس، أن رئيس الجمهورية يملك الصلاحيات التامة لإجراء التعديل، وأن منصب نائب الرئيس يكون تابعا للتعديل، وأنه يجب إجراء الانتخابات في وقتها المحدد.وقال بن حمو في اتصال مع يومية "الاتحاد"، أن منصب نائب الرئيس كان موجودا في التسعينات، وأنه يخلق ولا يعين، مضيفا أنه يجب أن يكون بعد الرئيس الجديد ويبقى ينتخب معه ويرحل برحيله، وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتمد على هذه الطريقة.وأوضح بن حمو في وقت سابق أن التطاحنات السياسية القائمة بين الأحزاب لا تخدم الجزائر ولا الجزائريين ، وأنها بحاجة الى الثقة المطلقة فيمن يحكمها في رئاسيات 2014 ، وقال أن الاستحقاقات الانتخابية لا تحتاج لإثارة كل هذه البلبلة والتطاحنات، بل إنها بحاجة الى برامج جديدة وجدية تأتي بحلول لمشاغل الشعب الجزائري الذي برهن بأنه أقوى من الطبقة السياسية في حد ذاتها. جيلالي سفيان: نائب الرئيس جاء من أجل العهدة الرابعة ومن الأحزاب من أعلن رفضه لتعديل الدستور بصفة مباشرة قبل الرئاسيات، حيث جدد رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان، رفضه التام لمسألة تعديل الدستور قبل رئاسيات 2014 ، وقال أنه في حالة حدوث هذا التعديل فأنه يقترح أن يكون التعديل خفيفا ، وأضاف جيلالي سفيان في تصريح ليومية "الاتحاد"، أنه يقترح أن يكون هذا الدستور يشمل إعادة بناء مؤسسات الدولة ، وبتحرير العدالة في الجزائر، وكذا تقوية المجلس الشعبي، وبخصوص استحداث منصب نائب الرئيس أوضح قائلا : " نائب الرئيس جاء من أجل العهدة الرابعة ".وأكد رئيس الحزب جيلالي سفيان عزمه على خوض غمار الرئاسيات المقبلة بكل قوة إن كانت الأخيرة ستتم بطريقة صحيحة ومفتوحة قائلا : " أنه مرشح الحزب في هذه الرئاسيات" ، وكان رئيس الحزب قد قال في وقت سابق أن قرار ترشحه " ليس ثمرة طموح شخصي أو نتيجة لحسابات سياسوية أو عملية إشهارية، بل تعبير إزاء ما نشعر به من مسؤولية تجاه الفكرة التي ندافع ونناضل من أجلها منذ عدة سنوات، وهي القول بصوت عال ومرتفع بأن جيل جديد وجب عليه أخذ زمام المبادرة وقيادة البلاد نحو عهد جديد". ربيعي: بدأنا نشكك في حقيقة ملائمة الظروف ومن الأحزاب من ينادي بالتعديل شريطة توفر الظروف الملائمة، على غرار الأمين العام لحركة النهضة فاتح ربيعي، والذي أكد ،أمس، أن حزبه أول من طالب بفكرة تعديل الدستور، وأنه بالنظر للظروف الحالية بدأ يشكك في حقيقة ملائمة الظروف لإجرائه، وقال أنه يجب أن تشرف على هذا الدستور لجنة محايدة.وقال ربيعي في اتصال مع يومية "الاتحاد"، أنه يجب مشاركة كل الطبقات السياسية في هذا الدستور، وأن اقتراحاته في هذا التعديل تتمثل في ضرورة حمله لمواد تقر باستقلالية القضاء والفصل بين السلطات، وكذا تجسيد الحريات بكل أنواعها، وجدد ربيعي رفضه لتعديل قال أنه قد ينسج على مقياس أحزاب معينة، وبخصوص ترشح حزبه للرئاسيات، أوضح ربيعي أن هذا راجع لمؤسسات حركة النهضة ، مضيفا انه إذا تمت الانتخابات بنفس الإدارة فإنها لن تلبي طموحات الشعب الجزائري. زغدود: يعدل ولكن بعد الرئاسيات... وتوافق موقف رئيس حزب التجمع الجزائري مع ما قاله ربيعي، حيث أكد على زغدود أنه من الضروري تعديل الدستور ولكن ليس في الوقت الحالي، موضحا أنها الجزائر على أبواب الرئاسيات، وأنه "إذا تم تقديم التعديل في الوقت الحالي فلن يكون ذلك من صالح الشعب ولكن لصالح جهات أخرى"، وطالب زغدود بضرورة التأجيل الى ما بعد الرئاسيات، قائلا:" لكي لا يضع الشعب في ذهنه تعديل الدستور ويتغاضى عما يحدث في الرئاسيات".وبدور كشف رئيس حزب " المؤتمر الجزائري من أجل المواطنة والعدالة" قيد التأسيس محمد الحسن اكيلال أنه يقترح إنشاء مجلس تأسيسي منتخب من طرف الشعب الجزائري يضع لجنة لوضع دستور جديد شريطة احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام لحريات لتكون ضمن الدستور الحالي، وقال أنه لبد من وضع لجنة وطنية لمراقبة الانتخابات تتمتع بكل النزاهة والموضوعية والشفافية. ...وللحقوقيين رأي ولم يقتصر الحديث عن تعديل الدستور على الأحزاب فقط، بل أصبح حديث العام والخاص، وحتى المنظمات الحقوقية طرفا في مجموعة الرافضين والمؤيدين لتعديله، حيث كان رئيس اللجنة الجزائرية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني، قد أكد في وقت سابق أنه من الضروري استحداث منصب نائب الرئيس في الدستور الذي سيعدل قريبا، موضحا أن هذه العملية معمول بها في العديد من البلدان خاصة وأن نائب الرئيس يختاره الرئيس نفسه، وأوضح قائلا:" أنه لا طالما طالب بأن يكون الدستور الحالي ينص بأنه على رئيس جمهورية ضمان تطبيق الدستور، وأن يكون الجيش الحارس الأمين له".وقال قسنطيني أن الدولة الجزائرية التزمت بمسؤوليتها وواجبها في حماية المواطن تطبيقا للدستور"، مشيرا أن "الحلول التي وضعتها الدولة لهذه الفئة لقيت قبولا من طرف عائلات الضحايا مما يعني أن الورقة طويت بمشروع السلم والمصالحة الوطنية".