انتقد بابا الفاتيكان بينيديكتوس السادس عشر ما أسماه ''الديانات الزائفة'' الّتي أنتجتها المجتمعات العصرية. مشيرًا بالخصوص إلى ''سلطة الأيديولوجية الإرهابية'' وأضاف ''على ما يبدو ترتكب أعمال العنف باسم الله، لكنّها في الواقع ديانات زائفة يجب كشفها''. وقال البابا بينيديكتوس السادس عشر في افتتاحه (سينودس الشرق الأوسط) - أي مجمع - الّذي سيستمر حتّى يوم 24 أكتوبر، في قداس احتفالي في بازيليك مار بطرس في الفاتيكان حضره رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري وبطاركة الشرق الكاثوليك وعدد من المطارنة الّذين حضروا من دول المنطقة العربية للمشاركة في هذا السينودس الّذي يدرس أوضاع المسيحيين من كلّ جوانبها، كما يقول بيان رسمي للفاتيكان، إنّ من ''بين الديانات الزائفة الأموال الّتي تجعل الإنسان عبدًا وتتحكّم به بدلاً من أن يتحكّم بها والّتي يعاني من أجلها وأحيانًا يموت''. كما وضع في الخانة نفسها ''المخدّرات الّتي تدمِّر الأرض بكاملها، وكذلك نمط العيش الّذي يروّج له الرأي العام الحالي، بحيث لم يعد للزّواج قيمة ولم تعد العفّة فضيلة''. الوثيقة - الّتي تقع في 40 صفحة تضم 123 بند، هدفها مناقشة وثيقة أطلقها بابا الفاتيكان يوم 7 جوان 2010 الماضي من قبرص، عندما تحدّث عن وضع المسيحيين في الشرق الأوسط (غالبيتهم من العرب)، محذّرًا ممّا أسماه ''اختفاء'' مسيحيي هذه المنطقة المضطربة، وداعيًا -كحل للمشكلة- لمزيد من علمنة الإسلام والبعد عمّا أسماه ''التطرف والشّريعة''، ومرجعًا مزاعمه لهذا الاختفاء إلى التطرف الإسلامي، وفي نفس الوقت أشار على استحياء للدور الصهيوني أيضًا في تهجير فلسطينيو القدس والأرض المحتلة. وسَلَّم البابا، بطاركة الشرق الكاثوليك خلال هذه الزيارة وثيقة عمل تتضمّن نقاطًا أساسية حول وضع المسيحيين في الشرق الأوسط وعلاقتهم بمحيطهم تحمل اسم ''آلية العمل'' في كافة الأبرشيات المسيحية لتعرض على ''المجمع من أجل الشرق الأوسط'' بحضور بطاركة الشرق، على أن يصدر في ختام أعماله ''إرشاد رسولي'' يتضمّن النّص النّهائي حول وضع المسيحيين في الشرق الأوسط. والملفت في هذه الوثيقة هو التّركيز على ''خطر'' الإسلام السياسي، الّذي يبدو أنّ المقصود به ليس فقط الجماعات الإسلامية السّلفية وإنّما أيضًا جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة العربية، حيث يظهر في الوثيقة خوف مسكون من الرؤية السياسية الإسلامية عمومًا، بما فيه التّخوّفات الواضحة من (شعار الإسلام هو الحل)، وأيضًا المخاوف من (الأسلمة)، وما يتّبعه من خوف واضح من (عدم تمييز المسلمين بين الدِّين والسياسة، فالإسلام في العادة هو دين ودولة، كما تقول الورقة. وأشار المتتبّعون للشأن المسيحي في العالم أنّ بابا الفاتيكان بكلامه هذا كان يلمز ويغمز في الإسلام خاصة بعد التّقارير الدولية الّتي قالت أنّ الإسلام أسرع الأديان انتشارًا في العالم، وكذلك فإنّ هذا المجمّع المقدس لأساقفة الشرق الأوسط الّتي تعتبر الديانة الإسلامية هي الديانة الأولى فيه والنّصرانية أقلية. وهذه ليست المرّة الأولى الّتي يتطاول فيها بينيدكتوس السادس عشر على الإسلام أو على الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فقد سبق وفي محاضرة علنية في جامعة ألمانية تهجّم فيها على الرّسول الكريم وعلى الإسلام. تجدر الإشارة أنّ السينودس أو المجمع المقدس الخاص بأساقفة الشرق الأوسط هو مؤتمر يستمر أسبوعين بمشاركة رجال دين وخبراء، ويركّز على مستقبل المسيحيين في المنطقة، ويعقد هذه السنة تحت شعار ''الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط وحدة وشهادة''. وسيناقش الأساقفة مصير الأقليات النّصرانية في الشرق الأوسط وعلاقاتهم بالأنظمة ومدى تمتّعهم بالحريات الدينية.