لماذا لا يشعر الجزائريون بالرضا وراحة البال رغم الجهود والعمل الجبار الذي تقول الدولة إنها تبذله من خلال بناء المدارس والمستشفيات وشق الطرق وإنجاز مليون سكن؟ سؤال يطرحه كل محفور في هذا البلد، سواء كان بطالا أو عاملا يتقاضى أجره في المناسبات فقط، أو حتى عاملا بأجر لا يكفي لمواجهة الغلاء المتصاعد للأسعار. الحقيقة أن المشكل الأساسي هو في عدم وضوح استراتيجية الحكومة واختلاط الأولويات لديها، بحيث تفرقت الجهود وتبعثرت النتائج، حتى أصبحت لا تُرى ولا يشعر المواطنون بها، ما يجعلهم يشتمون أي مسؤول يزورهم أو يظهر في التلفزيون. فعندما نسمع الأرقام التي يقدمها الوزراء عن قطاعاتهم والتي سيكررها الوزير الأول عند تقديمه بيان السياسة العامة في البرلمان، لا نكاد نصدق حجم الإنجازات، لأن الأرقام في الحقيقة لا تعني شيئا بالنسبة للشباب الباحثين عن العمل إذا لم يوظفوا، ولا تعني شيئا للعمال إذا لم ترتفع قدرتهم الشرائية، كما لا تعني شيئا للمرضى الذين يعانون في المستشفيات بلا دواء ولا عناية. فالأمم المتحدة عندما تعد تقارير التنمية، لا تهمها كم مستشفى أو كم مدرسة في البلد، بل ما يهمها هو مدى التغطية الصحية للسكان ونسبة الأمية، كما تهمها نسبة حصول السكان على الماء الصالح للشرب وليس عدد السدود ومحطات تحليه مياه البحر. وما دام أن هناك مواطنين يضطرون لطلب الصدقة من أجل إجراء عملية جراحية في عيادات خاصة يملكها أطباء يعملون في المستشفيات العمومية، بينما يستفيد المحظوظون من العلاج في الخارج على نفقة الدولة رغم أن أمراضهم لا تستدعي ذلك، وما دام أن هناك شبابا بشهادات عليا وأكفاء لا يجدون فرصة عمل، فإن كل ما تقوله الحكومة لا يمكن أن يضع حدا لحالة التذمر الشاملة للشعب الجزائري. ثم ما الفائدة من بناء مليون سكن والشعب يسكن القصدير؟ وما الفائدة من بناء المدارس والأمية متفشية حتى في وسط ''المتعلمين''؟ ثم ما الفائدة أصلا من وضع برنامج للإنعاش الاقتصادي بعد أن مات الاقتصاد وتراجع الاستثمار وكثرت اللصوصية وضاع كل أمل في الإصلاح؟