تزداد مخاوف الموّالين والفلاحين في ولاية تيارت، بحلول فصل الخريف وشحّ السماء، مع تردّد أنباء عن تقليص كميّة الشعير، الممنوحة كعلف للمواشي، من قبل تعاونيات الحبوب والخضر الجافة، والمقدّرة ب 400 غرام، إلى النصف، عن كل رأس من الأغنام أو الأبقار، خلال اليوم الواحد، بالموازاة مع ارتفاع سعر حزمة التبن إلى 200 دينار والخرطال إلى 400 دينار. شرعت تعاونيات الحبوب والبقول الجافة الأسبوع الماضي، في خفض كميّة الشعير المعروضة للبيع للموّالين من 400 إلى 200 غرام عن الرأس الواحدة، في اليوم الواحد، حسبما أكده مدير تعاونيات تيارت، على أن يعمّم الإجراء على تعاونيتي فرندة ومهدية، بعد أن كانت كلّ منهما تقدّم كميّة 400 غرام، مقابل كل رأس، خلال الأيام الماضية، وهذا بعد صدور تعليمات ''شفوية''، مؤخرا من المديرية العامة، حسب مصادرنا؛ حيث ستنخفض الكميّة، التي كانت تسوّقها التعاونيات من 3 آلاف قنطار يوميا إلى 1500 قنطار فقط. وكان بعض الموّالين قد وصلتهم أنباء، لم يؤكّدها، ولم ينفها، الأمين الولائي للاتحاد الفلاحين، حين اتصالنا به. حيث أوضح أن معلومات غير مؤكدة تشير إلى إمكانية خفض الكمية ''حسبما أشيع''. وأبدى موقفه الرافض للقرار قبل أن يتأكد من صحته. لكن مدير تعاونية تيارت أكد ل''الخبر'' أنه سيطبّق تعليمات مسؤوليه، حرفيا. تحيّن سماسرة السوق فرصة تأخّر تساقط الأمطار الخريفية، المعروفة لدى الفلاحين ب''الخرفية''، ليفرضوا منطقهم على سوق الأعلاف، بمختلف الأسواق الأسبوعية، المُقامة على مدار أيام الأسبوع. حيث بلغ سعر القنطار من الشعير 2700 دينار في سوق الاثنين بمدينة تيارت وبيعت حزمة التبن ب200 دينار ووصل الخرطال إلى 400 دينار. مع احتمال زيادة ارتفاع الأسعار حسب المتتبعين، ما أثار ردود أفعال كبيرة من قبل الموّالين الذين أكدوا أنه ما لم ترفع ''لوايسي''، أي تعاونية الحبوب والبقول الجافة، من الكمية المحددة ب400 غرام عن كل رأس، شهريا، إلى الضعف، في ظل شح السماء فإن سعر الشعير، المقدر ب 1550 دينار لدى التعاونيات، فستعرف السوق الموازية ارتفاعا قد يصل إلى ثلاثة آلاف دينار للقنطار. ''العام يبان من خريفو'' حسب تخمينات الفلاحين والموّالين فإن بوادر الجفاف تظهر مع بداية الموسم. حيث لم تسقط الأمطار لحد الآن؛ ما أجّل عملية الحرث والبذر لهذا الموسم، مقارنة بالموسم الماضي، الذي سجلت فيه ولاية تيارت تساقطات قياسية، خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، بلغت حدود 260 مليمتر. ما ساهم في تقدم عملية الحرث والبذر وزرع نصف المساحة المخصّصة للحبوب، والمقدّرة ب 350 ألف هكتار، سمحت بإنتاج قرابة 4 ملايين قنطار، منها حوالي 2 مليون، دخلت مخازن تعاونيات الحبوب والبقول الجافة، وفي مقدّمتها مخازن تعاونيات تيارت، التي جمعت قرابة 2,1 مليون قنطار. فيما جمعت تعاونيتا مهدية وفرندة حوالي مليون قنطار، معظمها قمح صلب. أما عن تحضيرات حملة الحرث والبذر لهذا الموسم، فقد جهزت تعاونيات الحبوب والبقول الجافة 21 ألف قنطار من البذور، في سياق عملية الشبّاك الموحد. فيما تأخر الفلاحون في اقتنائها للأسباب المذكورة آنفا. 2 مليون رأس من الماشية مهددة تحصي المصالح المعنية بتيارت حوالي 2 مليون رأس من الماشية تتوزع عبر بلديات الولاية ال 42، منها 14 سهبية، فيما تسجل مفتشية البيطرة مليون و357 ألف رأس، تم تلقيحها، خلال العام الحالي، في سياق الحملات، التي تنظمها لحماية الثروة الحيوانية، من مختلف الأمراض، منها البريسلوز وغيرها، والجدري بالنسبة للأبقار. ويكشف الأمين الولائي لإتحاد الفلاحين أن عددا كبيرا من الموّالين لا يقومون بتلقيح الحيوانات، لعدّة أسباب، منها قلّة الوعي وتزامن حملات التلقيح مع وجود قطعان الموّالين خارج تراب الولاية، ما يرفع عدد رؤوس المواشي، بالولاية، إلى مليوني رأس. أما عدد الموّالين، الذين يحصيهم اتحاد الفلاحين فهو 8933 موّال، وهو في تزايد مقارنة بالعام الماضي، باعتبار أن سعر العلف مدعّم. حيث تشتري تعاونيات الحبوب قنطار الشعير من الفلاحين ب 2500 دينار وتبيعه كعلف ب 1550 دينار، لكنه بكميّات غير مقبولة، حسب ممثلي الفلاحين، الذين يرون أن كيلوغراما واحدا للرأس يكون كافيا جدا ويوفّر تنقل الموّالين، كل شهر، لتعاونيات الحبوب، لاقتناء العلف. ويعكف اتحاد الفلاحين على التحضير لانتخاب ممثلي الموّالين، في سياق ما اصطلِح على تسميته الفيدرالية الوطنية لمربي المواشي. حيث تزامن موعد لقائنا بالأمين الولائي لاتحاد الفلاحين امحمد بلملياني، بحضور ممثلي الدوائر للمشاركة في ''جلسة عمل تحضيرا للجمعية العامة الانتخابية لممثلي الموّالين''، حسبما علمناه من هذا الأخير، الذي رد على سؤال ''الخبر'' حول الشكوك، التي حامت من قبل بعض الأطراف حول عملية انتقاء ممثلي مربي الماشية في الدوائر، موضحا أن ''الذين أثاروا الضجة لا يملكون حتى بطاقة فلاح أو موّال، وهم من الطفيليين الذين يريدون حضور الجمعيات العامة''. ويقول بيطري إن الإجراءات التي تعمل بها غرفة الفلاحة لاستصدار بطاقة موّال، والداعية إلى ضرورة إحضار شهادة تلقيح الحيوانات من المصالح البيطرية ظلم في حقّ بعض الموّالين، الذين يملكون عددا كبيرا من الرؤوس. وقد يضيّعون فرصة المشاركة في عمليات التلقيح لأسباب أو لأخرى. فضلا على أنه أصبحت تسبّب مشاكل لبعض أصحاب المال، الذين يستثمرون في تربية الماشية فيكلفون راعيا على حيواناتهم، ويجبرون على استصدار بطاقة الموال باسم الراعي، مع أنه ليس له حق في ذلك. ويعدّد ذات المصدر أمثلة عديدة في هذا الشأن، مؤكدا أن الغرفة الفلاحية واتحاد الفلاحين هما المسؤولان الوحيدان على تحديد الموّال الحقيقي. أما شهادة التلقيح المفروضة فهي لا تقدّم أو تؤخر في العملية. وبرأي الموّالين، فإن تعاونيات الحبوب ستتكبد خسائر كبيرة، في حال سقوط أمطار بالكميّة الكافيّة، خلال الأيام القليلة القادمة، ما لم تفتح مخازنها لتموين الموّالين بالشعير المعرض لكل الأمراض منها ''الكوز''. خاصة وأن منتوج العام الماضي، والمقدر بنحو 200 ألف قنطار لازال لم يسوّق، فضلا على منتوج العام الحالي المهدّد بمختلف الأمراض الطفيلية المنتشرة جرّاء الرطوبة. أما أطراف أخرى فترى أن قرار الديوان الوطني للحبوب بخفض كمية العلف إلى 200 غرام للرأس نابع من معطيات، يكون قد تحصل عليها المسؤولون من احتمال استمرار فترة الجفاف، خلال الأسابيع القادمة. ما يتوجب أخذ احتياطات ضمان مخزون وفير لاجتياز فترة الجفاف، أو لأمر آخر يتعلّق بالتحكّم في السوق وغلق المنافذ أمام الانتهازيين، الذين قد يستغلون شعير التعاونيات، لإعادة تسويقه في السوق الموازية، في حال العمل بالكمية المقدرة ب 400 غرام للرأس. ما يعزّزه رأي أن أحد البياطرة في قوله ''إن 200 غرام كافية للماشية العادية. فيما الماشية التي تكون قد ولدت فيلزمها حوالي 400 غرام من الشعير يوميا''. وهو الطرح. الذي يرفضه الأمين الولائي للاتحاد الفلاحين. الذي أكد أن الدجاجة الواحدة تتموّن ب 200 غرام من الحبوب يوميا. الأضحية لمن استطاع إليها سبيلا لا يختلف اثنان في أنه مهما كانت كميّات الأمطار، التي قد تتساقط، خلال الأيام القادمة، فإن سعر الأضحيّة لن يكون في متناول المواطنين في العيد القادم. ففي حال دوام الحال على ما هو عليه، فإن السماسرة سيفرضون منطقهم على السوق، متذرّعين بغلاء العلف و قرار ''لوايسي'' بخفض كميّة الشعير وندرة العشب، وغيرها من المبرّرات. أما في حال تساقط ''الخرفية'' بكميّات كافية، فإن الأسعار لن تنخفض، طالما أن فرصة عودة الحجاج من البقاع المقدّسة ستكون في صالح السماسرة، حتى ولو فاتتهم ''السويقة''، أو سوق الماشية، التي تنظم أياما قليلة، قبيل عيد الأضحى المبارك. ويمكن إعادة ما حدث في رمضان، الذي حدّدت فيه الدولة سعر اللحم المستورد من الهند ب 420 دينار في حين وصل إلى 720 دينار بأسواق تيارت، على سبيل المثال، فضلا على الإشاعات، التي أطلقها الجزارون حول نوعية اللحم الهندي. وقبل شهر من عيد الأضحى، تعرف أسواق الماشية التهابا في الأسعار، بدليل أن سعر الكيلوغرام من اللحم تجاوز 800 دينار. أما اللحوم المذبوحة خارج المذابح، المتعارف عليها، فإنها وصلت إلى 600 دينار للكيلوغرام لكنها ذات نوعية رديئة، طالما أنها لماشية، عادة ما تكون ضعيفة أو ''هزيلة''، بلغة الموّالين أو مصابة بمرض، ناهيك عن عمليات الغشّ، التي يلجأ إليها تجار اللحوم في الأسواق الأسبوعية والشعبية، بعرض لحم الماعز، على أساس أنه غنم. الحيوانات ترعى من المزابل في ظل نقص كمية العلف وارتفاع سعره في الأسواق الموازية، حوّل بعض مربي الحيوانات، من أبقار وأغنام وماعز، حاويات القمامات المنزلية إلى مراعٍ ''ذات ملكية خاصة''. حيث يسيطر كل واحد على مفرغة بحي سكني يجلب إليها الحيوانات، كل مساء، منتهزا فرصة انتهاء فترة عمل فرق المراقبة، غير مبالين بما قد ينجر من أمراض تنتقل إلى الإنسان، طالما أن الحليب واللبن، يباع من طرف الموّالين، دون المرور بوحدات الإنتاج، لمعالجته وتعقيمه، وهذا رغم القرار البلدي، بمنع تجوال الحيوانات وتربيتها داخل النسيج الحضري والتهديد بمتابعة المخالفين قضائيا، بعد حجز الحيوانات، وتسليط غرامات تتجاوز 6 آلاف دينار للرأس الواحد في اليوم داخل المحشر. ولم تقدّم بلدية تيارت، لحد الآن، حصيلة نشاطها بخصوص هذه العملية التي أعلنت عنها، قبل نحو شهر تقريبا. وهذا في ظل تسجيل حالات كثيرة بعدد من الأحياء، الواقعة في ضواحي المدينة، علما أن الظاهرة ستتفاقم، مع قرب موعد عيد الأضحى، على اعتبار أن عددا من السكان البطالين يتحوّلون إلى سماسرة الماشية في هذه المناسبة، فيقومون بشراء الأغنام، قبل شهر أو شهرين، ويرعونها بالمزابل في النهار ويقدّمون لها العلف في المساء، حين عودتها إلى المستودعات، قبل عرضها للبيع في ''السويقة''، لضمان لقمة العيش كما يقولون. وإذا كان هذا حال عاصمة الولاية، التي يوجّه لها اهتمام كبير من السلطات المحلية، لتكون قطبا جهويا فعالا في التنمية، باعتبارها بوابة الجنوب، فإن باقي دوائر وبلديات الولاية تكون فيها ظاهرة تربية الحيوانات أمرا عاديا، خاصة أن بمعظم المدن أقيمت تجمعات سكانية خلال العشرية الأخيرة للنازحين من البادية، والذين لم يتخلوا عن تربية الحيوانات.