فتحت الجامعات التركية أبوابها أمام الطالبات المحجبات مجدّدًا بعدما كان الحجاب محظورًا قبل 12 عامًا مجاراةً للعلمانية الّتي أقرّها مصطفى كمال أتاتورك، الّذي تتّهمه دوائر عدة بأنّه أحد أيادي الصهيونية العالمية الّتي تُعادِي الإسلام، حيث قضى على الخلافة العثمانية في عشرينيات القرن الماضي. ووصفت وكالات الأنباء العالمية دخول الطالبات المحجبات الجامعات بعد حرمانهن منها لسنوات طوال بأنّها ''ثورة صغيرة'' ضدّ العلمانية الّتي فرضها أتاتورك قبل ثمانين عامًا تقريبًا. وكان رئيس مجلس التعليم العالِي قد أبلغ مطلع أكتوبر الجاري جامعة اسطنبول بأنّه لا يمكن طرد أيّ طالب بسبب ملبسه، وذلك بعد تَلقِّيه شكوى من طالبة في الجامعة أُبْعِدَت عن الحصص الدراسية لأنّها تضع قبعة لإخفاء شعرها. ومنذ ذلك الحين انتشر تطبيق القرار وفتحت عدة جامعات أبوابها مجدّدًا أمام المحجبات بعد 12 سنة من حظر ارتداء الحجاب بقرار من مجلس التّعليم العالي. واستقبل هذا التّحول في موقف المجلس الّذي باتَ يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية ذو التوجُّه الإسلامي الحاكم بارتياح من قِبل الطالبات المحجبات اللواتي ضِقْن ذرعًا من اللجوء إلى خدعة الشعر المستعار أو القبعة للدخول إلى حرم الجامعات. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن توغبا بيستوفوغلو الطالبة في الهندسة في جامعة اسطنبول التقنية قولها: ''كان مظهرنا مضحكًا مع قبعاتنا والقبة العالية، خاصة في الصيف، كنت أشعر بضيق، كانت الأنظار تتّجه إليّ لدى مروري في الممرات''. وتابعت ''أمّا الآن فالأمور أفضل بكثير، إنّي أذهب إلى الحصص بارتياح أكبر، وبما أنّني أستطيع التّعبير بحرية اعتبر أنّ ذلك سيكون له تأثيره على نتيجتي الدراسية''. لكن يبدو أنّ قرار مجلس التّعليم العالي ما زال بعيدًا عن تسوية المسألة برُمّتها. فما زال عدد من العمداء يُطبّقون الحظر معتبرين أنّ القرار لا يشمل سوى جامعة اسطنبول، أو أنّهم ينتظرون قرارًا من محكمة النقض. وتعتبر المحامية فاطمة بنلي الأخصائية في الدفاع عن الطالبات المحجبات أنّ نصف الجامعات تقريبًا ما زالت تمارس الحظر. وقالت: ''يحصل أحيانًا أن تتمكّن الطالبات من دخول الحرم لكن أستاذهن يشرح لهُنّ على انفراد أنّ عليهن أن ينزعن الحجاب وإلاّ سيحصلن على علامة سيّئة أو أنّه سيرفع محضرًا بهنّ أو ربّما يطردهن من القاعة''. تجدر الإشارة أنّ البرلمان التركي طالب المدعي العام بأن يتراجع عن تحذيره للسياسيين الّذين يحاولون تسوية مسألة الحجاب من خلال وفاق برلماني. وأكّد رئيس البرلمان التركي محمد علي شاهين أن لا سلطة تملك حق التأثير على إرادة الشعب أو توجيهها أو إعطاء تعليمات لممثلي الشعب. كما طالب شاهين المدعي العام ب''الاعتذار رسميًا للبرلمان التركي الّذي يمثّل إرادة الشعب''. جاء ذلك بعد أن حذّرت محكمة الاستئناف العليا في تركيا الحكومة من تخفيف الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الجامعات والدوائر الحكومية، معتبرةً أنّ ذلك يُعَدّ انتهاكًا لمبادئ الدولة العلمانية الّتي وضعها مصطفى كمال أتاتورك عام .1923