دعا العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في آخر خطاب له بمناسبة مرور 35 سنة عما يسمى ''بالمسيرة الخضراء''، المجتمع الدولي للتدخل لوضع حد ''للقمع'' الذي يتعرّض له، برأيه، اللاجئون الصحراويون في مخيّمات تيندوف، مؤكدا على أنه لن يتخلى عن سكان هذه المنطقة من الصحراء. واتهم بالمناسبة الجزائر بالتسبب في نشوء ''حالة شاذة'' من خلال رفضها السماح لمفوضية اللاجئين بإحصاء سكان المخيّمات، كما دعا المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى تحمّل مسؤولياتها بوضع حد لتمادي الجزائر في خرق المواثيق الدولية. ولم يتوقف العاهل المغربي عند هذا الحد، بل اتهم الجزائر، كعادته، للمرة الألف، بعرقلة بناء المغرب العربي الكبير، في إشارة منه إلى قضية فتح الحدود بين البلدين المغلقة منذ أواخر سنة 1994 بقرار من الجزائر، كرد فعل على فرض النظام الملكي التأشيرة على الجزائريين، متناسيا أن عملية إجهاض بناء المغرب العربي الموحد بدأت في حقيقة الأمر في عام 1963، عندما أقدم الجيش الملكي المغربي بشن عدوانه على الجزائر. وجاءت هذه التصريحات العنيفة أياما معدودة بعد الرسالة الشفوية التي بعث بها الملك إلى الرئيس بوتفليقة مع كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة للصحراء الغربية، عبّر من خلالها عن استعداد المغرب لتطبيع العلاقات مع الجزائر. وإذا كان مثل هذا الكلام على اختلاف حدته ليس بجديد على الجزائر، فإن خطاب هذه المرة تجاوز حدود اللياقة بكثير، بل لا يمكن أن يصنف إلا في خانة الشتم والتجريح والاستفزاز لشعب بأكمله، ومن هذا المنطلق يجب الرد عليه بصرامة، لأن المعاملة بالمثل قاعدة أقرتها جميع القوانين الدولية التي تحكم العلاقات الدبلوماسية بين الدول، ولأن السكوت في مثل هذه الحالات ليس له معنى، ولا يمكن، حسب تقديري، في أي حال من الحالات، أن يفسر لصالح الجزائر، فقد حدث هذا مع مصر في الأزمة الأخيرة بين البلدين، وحدث أيضا مع فرنسا في العديد من المناسبات، ولم نجن شيئا من هذا السكوت الرسمي إلا المزيد من التضييق على الجزائريين والمزيد من الاستفزاز. أنا لست هنا في موضع المحرّض على انتهاج سياسة التصعيد والتهريج، كما لا أدعي الفقه في عالم الدبلوماسية والعلاقات الدولية، لكن، حسب معرفتي المتواضعة، فإن السكوت في مثل هذه المحطات غير مبرر في الأعراف والطقوس الدبلوماسية. وإذا ما كان القائمون على شؤوننا الداخلية والخارجية يرون في هذا التوجه حكمة وتعقلا فأهلا وسهلا بدبلوماسية السكوت... ولم يبق لنا في هذه الحالة إلا أن نتمنى، ومن باب الغيرة على عزة وكرامة وطننا، ألا يقع مسؤولونا في يوم من الأيام في دائرة المثل القائل ''أسود علينا وفي الحروب نعامة''. [email protected]