إنّ ممّا ارتبط ذكره بالنساء في زماننا -للأسف الشديد- هو كبيرة السحر والشعوذة، فما هي أسباب هذه العلاقة وما هو حكمه؟ إنّ المرأة ضعيفة بفطرتها وخلقتها، تكره النقص وتأبى التعاسة، ولهذا ترى بعض النساء ينافسن أترابهنّ في الدراسة والعمل والزواج وحتّى الأولاد، حتّى إذا ما أخفقت الواحدة في تجربة ما صارت حائرة تائهة تبحث عن وسيلة تُخلِّصها من ألسنة العوام، حتّى لو كانت تلك الوسيلة محرّمة، كالسحر والشعوذة مثلاً، متناسية بذلك وغافلة من سعة رحمة الله وسعة خزائنه الملأى. والسحر كبيرة من الكبائر، وتعلّمه مُحرَّم، وإتيان السحّر والدجّالين من أجل معرفة الغيب مُحرّم أيضًا، قال سبحانه وتعالى: ''قُل لا يعلَمُ مَن في السّموات والأرضِ الغيبَ إلاّ اللهُ وما يشعرون أيَّان يُبعَثُون'' النمل.65 وقال جلّ جلاله: ''وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشّياطينُ على مُلْكِ سُليمانَ وما كفرَ سُليمانُ ولكنَّ الشّياطينَ كفروا يُعلِّمون النّاس وما أُنْزِل على الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هاروت وماروتَ وما يُعَلِّمان مِن أحدٍ حتّى يقولاَ إنَّما نحنُ فتنة فلا تَكْفُر فيَتَعَلَّمُون منهما ما يُفرِّقون به بين المرء وزوجه وما هُم بِضارِّينَ به من احدٍ إلاّ بإذن الله ويتعلَّمون ما يَضُرُّهُمْ ولا ينفَعُهُم ولَقَد علمُوا لمَنْ اشتراه ما لهُ في الآخرة من خلاقٍ'' البقرة.102 والواجب على المرأة الصالحة المؤمنة أن تتعلّق بالله، وأن تعتقد أنّ الرزق بيد الله، لا بيد عبد ضعيف مثلها لا يملك لنفسه حولاً ولا قوةً، قال تعالى: ''وإذا سأَلك عبادي عنِّي فإنّي قريبٌ أُجِيبُ دعوةَ الدعي إذا دَعَان'' البقرة186، وقال: ''أمَّن يُجيبُ المُضطر إذا دعاهُ ويكشِفُ السُّوء ويجْعَلَكُم خُلفاء الأرض أَءِلهٌ مع الله قليلاً مَّا تذكَّرون'' النمل.62 ثمّ إنّ الكهانة والجهل وادعاء علم الغيب صنعة لأقوام تتصل بهم الشّياطين، الّتي تسترق السمع من السّماء وتحدّثهم به، ثمّ يأخذون الكلمة الّتي نقلت إليهم من السّماء بواسطة هؤلاء الشياطين ويضيفون إليها ما يضيفون من الأقوال الكاذبة ثم يحدّثون بها النّاس، فإذا وقع الشيء مطابقًا كما قالوا، اغتر بهم النّاس واتّخذوهم مرجعًا في الحكم بينهم. ولقد أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن عقوبة هؤلاء، وعن عقوبة الّذين يأتونهم ويُصدّقونهم، قال صلّى الله عليهم وسلّم: ''مَن أتَى عرافًا فسأله لم تقبل صلاته أربعين يومًا أو أربعين ليلة'' رواه مسلم. وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن أتى كاهنًا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمّد صلّى الله عليه وسلم'' رواه أحمد وغيره وهو حديث صحيح. وكثيرًا ما يتسبّب السحرة والمشعوذون في تشتيت الأسر وتهديم العلاقات الأسرية والاجتماعية بأكاذيبهم وافتراءاتهم على النّاس، كأن يدّعي علم وضع السحر ومن وضعهُ وأين وضعه، ومن تعاملهم الشياطين أحيانًا يوهمون ضعاف الإيمان بأنّهم يستخرجون السحر من المكان الّذي وضع فيه... إلخ. أمّا الرقية الشّرعية فلها أحكامها الخاصة وآدابها ووسائلها، وما تسمع عنه من رقاة هم أصلاً مشعوذون أخفوا حقيقتهم وراء الرقية الشرعية، فلا تغتر بهم وبالسواد الّذي يسمع لهم ويأتيهم ويصدقهم. والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أرشد أمّته إلى الدعاء وإلى التّقوى وإلى الالتزام بأوامر الدّين والانتهاء عن نواهيه. فعلى المرأة أن تتوجّه إلى الله في طلب الرزق وطلب الزوج وفي طلب الذرية، وفي طلب الخير لها ولأولادها، فإنّ الله سميع مجيب، والله وليّ التّوفيق.