باشرت المصالح الأمنية المختصة عمليات تحقيق وتقص في الملفات الإدارية الخاصة بالإطارات المسيرة لمصالح الدولة على المستويين المركزي والمحلي، في إطار تدابير محاربة الفساد. أوضحت مصادر إدارية أن المصالح الأمنية المختصة كثفت، في الآونة الأخيرة من تحقيقاتها المتعلقة بملفات الإطارات المسيرة للإدارة العمومية، حيث تخوض في البطاقيات الشخصية والمهنية الخاصة بالمديرين التنفيذيين عبر الولايات والأمناء العامين للولايات والبلديات والمسؤولين الماليين على المستوى المحلي، وأمناء الدوائر ورؤسائها، في إطار ترتيبات احتياطية، يتسنى للجهات العليا المسؤولة، على ضوئها، إزاحة المسؤولين المشتبه في ضلوعهم في عمليات فساد مهما كان نوعها أو سوء تسيير المصالح الإدارية المشرفين عليها، واستبدالهم بمسؤولين آخرين، سواء عن طريق حركة تغيير شاملة أو من خلال عمليات فردية. واستبعدت ذات المصادر أن تكون ''الحملة'' الخاصة بالتمحيص في السير الذاتية والمهنية للقائمين على الإدارات متصلة بحركة تغيير على المدى القريب، غير أنها أكدت أن التدابير الاحتياطية الجديدة، والتي عزا إليها الوزير الأول أحمد أويحيى، أقرت كواحدة من التدابير الخاصة بمكافحة الفساد، ما يجعل قرار عزل أو تنحية أي مسؤول لا يرتبط أساسا بحركة تغيير شاملة، وإنما ''تتم الإزاحة والزج بملف الإداريين المتورطين في قضايا فساد أو سوء تسيير، إن توفرت الأدلة الثبوتية، في العدالة، في وقته، مع إعادة شغل المناصب المعنية من قبل مسؤولين آخرين دون انتظار''. واستفيد بأن الوزير الأول أعطى الضوء الأخضر للولاة للتصرف في المسائل المتعلقة بمكافحة الفساد ومعاقبة المسؤولين الذين يثبت تورطهم، وإحالة ملفاتهم على العدالة فور التحقق من ذلك. وقد شرعت المصالح المعنية في تمحيص ملفات المسؤولين الإداريين منذ مدة في عملها، وأفضت عملياتها إلى توقيف بعض المسؤولين وإحالة قضاياهم على العدالة، على غرار إنهاء مهام مسؤول في ولاية تيزي وزو مؤخرا، بعد أيام قليلة من ترقيته إلى منصب جديد، كما أزيح مسؤول إداري بولاية تيبازة لسوء التسيير، خلال نفس الفترة بعد تحقيقات المصالح المختصة. وتزامنت الإجراءات الجديدة مع الإعلان، يوم السابع من نوفمبر الفارط، عن المرسوم الرئاسي الخاص بأعضاء هيئة مكافحة الفساد التي يرأسها إبراهيم بوزبوجن. ويشير ذات المصدر أن العشرات من الموظفين وحتى المواطنين يتساءلون عن كيفية إرسال ملفات متعلقة بالفساد للهيئة، بينما عبر الكثير منهم عن مخاوف من التبليغ على خلفية تجارب المبلغين عن الفساد الذين وجدوا أنفسهم بالسجن بعد كشفهم الملفات. وارتبطت التدابير الجديدة كذلك ببرنامج التنمية الجديد المسخر له 283 مليار دولار، حيث تسعى الحكومة إلى تفادي تكرار فضائح الفساد التي طفت على حساب البرنامج السابق، بسبب ''علاقات مشبوهة بين مسؤولين إداريين والمكلفين بإنجاز المشاريع، وضياع الملايين من الدولارات في صفقات غير قانونية، تناولت العدالة العشرات منها، بينما وجدت نفسها مجبرة على الاقتطاع من البرنامج الجديد ما قيمته 133 مليار دولار لاستكمال مشاريع البرنامج السابق المعطلة على خلفية عدم توفر أموال إعادة التقييم.