إنّه فصل الربيع وما فيه من مظاهر طبيعية خلابة، خلق من خلق الله، تدل على عظمة وقدرة الباري جلّ وعلا، وعلى المؤمن أن يعبد الله ويتقرّب إليه في كلّ شأن وعلى كلّ شأن وعلى كلّ حال وفي كلّ وقت، قال تعالى: ''وَمَا خَلَقْتُ الْجنَّ وَالْإنْس إلاَّ ليَعْبُدون'' الذاريات.57 واستحضار صفات الله عزّ وجلّ الّذي يزيد المؤمن إيمانًا ويثبّه على كلمة التوحيد ''لا إله إلاّ الله'' على علم وعمل بشروطها ومقتضياتها يعتبر عبادة يؤجر عليها. أمّا أن يكون فصل الربيع مجرد مظاهر طبيعية لا تحقّق للعبد تلك المعاني السّامية فهو موقف خاطئ، والأخطر أن يربطه بفكرة عقدية مضلّة، فيذبح لغير الله مثلاً أو يولم تقرّبًا لغير الله، فهذا شرك، قال الله تعالى: ''إنَّ اللهَ لاَ يَغْفرُ أَنْ يَشْرَك به وَيَغْفرُ مَا دُونَ ذَلك لمَنْ يَشَاء'' النساء.48 وقال أيضًا: ''إنَّهُ مَنْ يَشْرك بالله فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْه الْجَنَّة وَمَأْوَاهُ النَّار'' المائدة.72 أمّا إن أطعم الطعام غير مقترن بتلك الاعتقادات الباطلة فنسأل الله تعالى أن يكون فيه الخير إن شاء الله. فالربيع وسائر الفصول ليست مجرد ظواهر طبيعية لا مسيّر لها، ولنقرأ قوله تعالى: ''إنَّ في خَلْق السَّمَوَات وَالأرْض وَاخْتلاَف اللَّيْل وَالنَّهَار لَآيَاتٌ لأُولي الْأَلْبَاب × الَّذينَ يَذْكُرُون اللهَ قيَامًا وَقُعودًا وعَلَى جُنُوبهم وَيَتَفَكَّرون في خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلاً سُبْحَانَك فَقنَا عَذَاب النَّار'' آل عمران.191/190 وقوله سبحانه وتعالى: ''أَفَلاَ يَنْظُرون إلَى الْإبل كَيْفَ خُلقَت × وإلَى السَّمَاء كَيْف رُفعَت × وإلَى الْجبَال كَيْفَ نُصبَت × وإلَى الْأرْض كَيْفَ سُطحَت × فَذَكّر إنَّمَا أنتَ مُذكّر} الغاشية.21/17