الخشوع هو قيام القلب بين يدي الله تعالى بالخضوع والذل. قال الإمام ابن رجب ''أصل الخشوع لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته، فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء، لأنها تابعة له''. والخشوع في الصّلاة، هو توفيق من الله جلّ وعلا، يوفّق إليه الصادقين في عبادته، المُخلصين المخبتين له، العاملين بأمره والمنتهين بنهيه. فمَن لم يخشع قلبه بالخضوع لأوامر الله خارج الصّلاة، لا يتذوّق لذّة الخشوع ولا تذرف عيناه الدموع لقسوة قلبه وبُعدِه عن الله، قال الله تعالى: {إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} العنكبوت: 45، فالّذي لن تنهه صلاته عن المُنكر لا يعرف إلى الخشوع سبيلاً، ومَن كان حاله كذلك، فإنّه وإن صلّى لا يُقيم الصّلاة كما أمر الله جلّ وعلا، قال الله تعالى: {اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} البقرة: .45 ولو لم يكن للخشوع في الصّلاة إلاّ فضل الانكسار بين يدي الله، وإظهار الذل والمسكنة له، لكفى بذلك فضلاً، وذلك لأنّ الله جلّ جلاله إنّما خلقنا للعبادة {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات: .56 وأفضل العبادات ما كان فيها الانكسار والذل الّذي هو سرّها ولبّها، ولا يتحقّق ذلك إلاّ بالخشوع، وقد امتدح الله جلّ وعلا الخاشعين في آيات كثيرة، قال تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} الإسراء: .109