أصدر الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس مرسوم استقالة حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري وطلب منها الاستمرار في تصريف الأعمال إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة. فيما تسارعت الردود في العواصم العربية والغربية في محاولة استدراك الوضع. في الوقت الذي كان فيه الحريري يتباحث مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بباريس، اتهمت إيرانالولاياتالمتحدة وإسرائيل بنسف الوساطة السعودية-السورية لتسوية الأزمة بلبنان. أما كاتبة الدولة للخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون فاتهمت حزب الله بالسعي ''إلى نسف العدالة''. وقالت إن ''محاولة إسقاط الحكومة لتقويض عمل المحكمة الدولية تخل عن المسئوليات لكنها لن تكون مجدية''. وأشارت إلى أن حزب الله وافق على المحكمة قبل الدخول في حكومة الوحدة الوطنية المستقيلة. في الإطار ذاته قال البيت الأبيض إن تصرفات حزب الله ''لا تدل سوى على خوفه وتصميمه على شل قدرة الحكومة على أداء عملها وعلى تحقيق تطلعات أبناء الشعب اللبناني كافة''. ما إن أعلن في لبنان عن استقالة وزراء المعارضة حتى استنفر الزعماء العرب والغربيين لوضع حلول وآليات لمواجهة الأزمة السياسية الداخلية في البلاد، خاصة مع قرب صدور قرار المحكمة الدولية بشأن اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. ودعت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، كاثرين أشتون، جميع الأطراف إلى ''حل تفاوضي''. وكان أول المتحركين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يقوم باتصالات من أجل عقد اجتماع فرنسي-أمريكي -سعودي-سوري-لبناني. وذكرت صحيفة ''الحياة'' اللندنية أن ساركوزي اقترح الفكرة على العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز فوافق عليها، وأن اتصالات لاحقة استمرت على قدم وساق لإضافة كل من تركيا وقطر إلى الدول الخمس الأولى مع احتمال ضم مصر من أجل البحث في الوضع اللبناني. وفي واشنطن تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أول أمس بالعمل من أجل ''استقرار'' لبنان بعد انهيار الحكومة، عقب استقالة وزراء حزب الله وحلفائه منها . إلى جانب ذلك، نقلت ''الحياة'' عن مصادر أمريكية موثوقة تأكيدها أن ''أول مهمات السفير الأمريكي الجديد لدى سوريا، روبرت فورد، والمتوقع أن يصل دمشق قبل نهاية الشهر، هو موضوع المحكمة الخاصة بلبنان''، مشيرة إلى أن إدارة أوباما ''مستاءة من المواقف السورية حول المحكمة الخاصة بلبنان''، وتريد ''فتح خط اتصال مباشر مع الرئيس السوري بشار الأسد من خلال فورد، وليس فقط من خلال الخطوط التقليدية في واشنطن ومن خلال وزير الخارجية وليد المعلم والتي كانت معتمدة في السنوات الخمس الفائتة''. وعلى صعيد الجهود العربية والإسلامية التي تبذل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، نقلت ''الحياة'' عن مصادر واسعة الاطلاع قولها إن ''اتصالات عدة جرت لمحاولة احتواء التأزم اللبناني، وأن كلا من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أجريا اتصالا بالرئيس السوري بشار الأسد من أجل بذل جهوده كي لا ينفذ قادة المعارضة قرارهم باستقالة وزرائهم، وأن الأسد لم يعد بشيء وبأنه سيحاول ''لكن الأمر بات لبنانيا-لبنانيا، بعد توقف الجهود السعودية-السورية''. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد صرح قبل سقوط الحكومة بأن ''استقالة الوزراء في لبنان سيشق الصف اللبناني في فترة هم أحوج ما يكونون فيها إلى وحدة الصف وتضافر الجهود وإلى التفاهم، خاصة وأن هذه الاستقالات إذا حدثت ستؤدي إلى الانشقاق وإلى صراع، وسيكون الخطر شاملا في منطقة الشرق الأوسط''. ومن جانبه قال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني إنه لن يكون هناك اتفاق دوحة2 لحل الأزمة في لبنان. وسرعانما دخلت إسرائيل على خطة الأزمة السياسية التي تعيشها لبنان، حيث حذر مسؤول سياسي إسرائيلي صباح أمس من أن إسرائيل لن تبقى مكتوفة الأيدي إذا ما رصدت محاولة من جانب حزب الله وحلفائه تسخين الحدود الشمالية سعيا لصرف الأنظار عن القرار الظني المرتقب صدوره قريبا من قبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.