أكد محامي الجماعات الإسلامية منتصر الزيات في اتصال ب''الخبر''، مساء أمس، أن الوضع جد خطير في كامل التراب المصري، وأن القتلى بلغ نهاية يوم الجمعة أكثر من 90 قتيلا، وهو ما زاد من حدة التوتر بين المتظاهرين وقوات الأمن. وقال منتصر الزيات معلقا على أحداث مظاهرات جمعة الغضب التي عرفتها مصر: ''الشعب يقول كلمته وقد تحرك ولن يعود إلا إذا تحققت مطالبه''.. وأضاف: ''سقف مطالب المتظاهرين كان منذ الشرارة الأولى مرتفعا، ثم زاد إلى أن وصل إلى المطالبة برحيل الرئيس نفسه وتغيير جميع الوجوه التي نالت من الشعب والمواطنين المصريين، ولن تنفع أية مسكنات مع كل الفئات الشعبية التي خرجت إلى الشارع''. وحول خطاب الرئيس حسني مبارك، وتفاعل الجماهير الشعبية معه، قال الزيات: ''لا أعتقد أن كلمته محل اهتمام من الجماهير، بل بالعكس خطابه الذي بثه التلفزيون المصري، كان لاستفزاز الناس، حيث لم يقدم أي اعتذار لأبناء الشعب الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن، بل ولم يشمله خطابهم بأي كلمة''، مضيفا ''إن هذا الخطاب زاد من إصرار الشعب على المطالبة والضغط من أجل تغيير النظام برمته واستقالة الرئيس حسني مبارك من كرسي رئاسة الجمهورية''. وعن دور الجيش والقوات المسلحة، فقال ذات المتحدث ''الجيش مؤسسة وطنية وسينحاز إلى الشعب، كما سيحمل مبارك على مغادرة الحكم، وبإمكان مبارك طوعا تخليه عن الحكم حتى لا يتسبب في موت الآلاف من الشعب في مذبحة لن ينساها التاريخ أبدا''. أما عن عمليات السلب والنهب والتخريب التي عرفتها مؤسسات اقتصادية ومباني هيئات خدمات يستفيد منها المواطنون في الحياة اليومية، فقال المحامي الزيات: ''الفوضى مقصودة من داخل دوائر النظام، لكي يطرحوا بديلا عن حسني مبارك، وثبت أن العديد من الذين شاركوا في عمليات التخريب هم من ''البلطجية'' المسبوقين قضائيا من أتباع الحزب الوطني الحاكم، الذين أطلق سراحهم من أجل تمييع مطالب الانتفاضة الشعبية ''. وختم المحامي أن أغلب الأطياف السياسية تريد أن يمسك الجيش بزمام الأمور لاستتباب الأمن، ثم المرور إلى مرحلة انتقالية يتم فيها التحضير لانتخابات برلمانية ومحلية ورئاسية،. المخابرات والمؤسسة العسكرية مفتاح التوازن في صناعة القرار المصري على الرغم من ثقل ووزن عدد من العناصر المفتاحية في الحزب الوطني الديمقراطي، الذي يمثل الأغلبية البرلمانية والمؤطر العام للحياة السياسية، فإن ركيزة صناعة واتخاذ القرار في مصر تبقى في أيدي المؤسسة العسكرية ومصالح المخابرات التي يمكن في أية لحظة أن تؤثر على مسار الحكم والسلطة في بلاد الكنانة، التي حكمها ثلاثة عسكريين تباعا هم جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك. إذا كانت الواجهة السياسية التي تشكل ركيزة السلطة في مصر تتكون من النواة الصلبة التي تتشكل من جمال مبارك وصفوت الشريف وزكريا عزمي، إلى جانب كمال الشاذلي ومحمد كمال ومفيد شهاب، إضافة إلى أحمد عز المستقيل من الحزب وعلي الدين هلال ويوسف والي وأحمد فتحي سرور، فإن السلطة الفعلية لا تزال بين أيدي قيادات المؤسسة العسكرية والمخابرات بفروعها. والى جانب القوات النظامية المتعارف عليها توجد في مصر قوة شبه عسكرية تحت سيطرة وزارة الداخلية المصرية، وهي قوات الأمن المركزي، ويبلغ قوامها حوالي 250 ألف رجل تحت إشراف وزير الداخلية اللواء حبيب إبراهيم العادلي الذي يوصف بأنه قريب للرئيس مبارك. كما توجد قوات الحرس الجمهوري وهي قوات النخبة في الجيش المصري التي لا تأخذ أوامرها إلا من القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى جانب حرس الحدود التي تظل تابعة إلى وزارة الدفاع، هذه الأخيرة التي يترأسها أحد المقربين أيضا لمبارك وهو المشير محمد حسين طنطاوي، يضم أيضا مصالح التصنيع الحربي والتي تنسق مع قيادة الأركان التي يترأسها الفريق سامي عنان الذي كان في زيارة لواشنطن في إطار اللجنة المشتركة، وتلقى رسالة واضحة من القيادة العسكرية الأمريكية من خلال الجنرال جيمس كارترايت، بأن القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية يظل حسني مبارك إلى إشعار آخر، وإلى جانب هذه النواة الرئيسية، فإن تشكيلات القوات العسكرية تضم أيضا مقربين لمبارك، لا سيما القوات الجوية التي لا يزال فيها مبارك قائدا شرفيا والتي يترأسها. الفريق جوي رضا محمود حافظ محمد وهو يشغل هذا المنصب منذ مارس 2008، إلى جانب الفريق جوي شاكر أحمد، فيما يترأس القوات البحرية اللواء بحري أركان حرب مهاب محمد حسين مميش. إلا أن القوة الضاربة الأخرى التي تؤثر في صناعة القرار، فإنها تتشكل من مصالح المخابرات التي يترأسها رئيس المخابرات العامة اللواء عمر سليمان المعروف عنه سابقا بالولاء لرئيس الدولة ورفض الدخول في أية محاور داخلية أو التطلع لأية مواقع قيادية، وهو ما دفع العديد من المصالح الغربية إلى ترشيحه لخلافة مبارك، بالنظر للثقة التي يتمتع بها في واشنطن وتل أبيب منذ معالجته لملف محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا في 1995، وإلى جانب عمر سليمان هنالك عبد الفتاح سعيد السيسي مدير المخابرات العسكرية. وتنقسم مصالح المخابرات المصرية إلى مديرية المخابرات العامة ومديرية المخابرات الحربية، إضافة إلى المديرية العامة للأمن ومكاتب أمن الدولة الذي يتزعمه اللواء حسن عبد الرحمن، هذا الجهاز الذي أنشئ لضمان الأمن ومحاربة الإرهاب، سجل عدة تجاوزات وكان من بين الهيئات الأكثر استهدافا في الاحتجاجات الأخيرة، وتنقسم إدارة المخابرات العامة إلى ثلاثة فروع: هي المخابرات العامة المكلفة بالاستعلامات الخارجية ومحاربة الجوسسة ومباحث أمن الدولة المكلفة بالتحقيقات في مجال مكافحة الإرهاب ومحاربة التيارات التي يعتبرها متطرفة، وقمع الجريمة المنظمة، وأخيرا المخابرات العسكرية المكلفة بحماية القوات العسكرية. هذه الأجهزة وضعت جلها لخدمة نظام سياسي بني على التوازن بين مصالح القوة الأمنية والمصالح الاقتصادية الكبرى، خاصة بعد الانفتاح الاقتصادي منذ الثمانينات وتكرس مع التسعينات، وهو ما ضمن للنظام الاستمرارية إلى جانب الدعم الخارجي ممثلا في الإدارة الأمريكية وتحجيم الحركات الإسلامية . فإذا اختلّ هذا التوازن، فإن سيناريو محمد نجيب لا يزال قائما في أذهان العديد من رفقاء الأمس.