تحول "يوم الغضب" الذي دعت اليه حركات احتجاجية في مصر أول أمس الى انتفاضة شعبية شملت كافة انحاء البلاد، طالبت برحيل الرئيس حسني مبارك والغاء الطوارئ، ورفع الحد الادنى للاجور. وخرج مئات الالاف الى الشوارع في اكبر مظاهرات تعرفها مصر منذ انتفاضة 18 و19 يناير عام 1977. وقرر نحو عشرة الاف المبيت في ميدان التحرير والاستمرار في الاعتصامات، رغم تحذيرات من وزارة الداخلية، التي اتهمت جماعة الاخوان المسلمين والجمعية الوطنية للتغيير وحركة 6 ابريل بالتحريض على المظاهرات، باستخدام "شعارات مزيفة". وقتل ثلاثة شبان، هم محمد جمعة ومصطفى رضا محمود وسليمان صابر في المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في مدينة السويس، بينما اصيب عدد كبير من المواطنين في مختلف انحاء البلاد، وقامت الشرطة باعتقال المئات، واستخدمت خراطيم المياه والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين لكن بدون جدوى. وقالت الداخلية عن شرطياً قد قتل على يد متظاهرين. وقال الدكتور ايمن نور زعيم حزب "الغد"، الذي اعلن مشاركته في المظاهرات التي امتنعت عن تأييدها احزاب الوفد والتجمع والناصري، ان مطالب المتظاهرين يمكن تلخيصها في جملة واحدة موجهة الى الرئيس مبارك، "ارحل مش عاوزينك" وشدد على ان الانتفاضة مستمرة حتى تتحقق اهدافها. واعلن الدكتور عبد الجليل مصطفى منسق الجمعية الوطنية للتغيير، عددا من مطالب الانتفاضة، اولها ان يتعهد الرئيس مبارك ونجله جمال بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية، والغاء حالة الطوارئ وحل البرلمان. وانطلق عشرات الآلاف من مناطق شعبية في القاهرة بعد ان فشلت قوات الامن المركزي في منعهم، كما قامت مظاهرة في ميدان روكسي القريب من قصر الرئيس مبارك. وتحول وسط القاهرة الى ثكنة عسكرية، حيث احتل عشرات الالاف الشوارع الرئيسية، وسط حصار امني مشدد. وقطعت الشرطة الاتصالات الهاتفية والجسور وشبكة النقل ومواقع التويتر، سعيا الى عزل المتظاهرين عن العالم الخارجي، الا ان الشباب واصلوا بث الصور عبر مواقعهم على الفيس بوك. وهتف متظاهرون أمام دار القضاء العالي بوسط العاصمة قائلين "يسقط يسقط حسني مبارك"، و"يا جمال قول لأبوك كل الشعب بيكرهوك"، في إشارة إلى جمال مبارك نجل الرئيس المصري، الذي يعتقدون أنه يجري إعداده لتولي الرئاسة خلفا لوالده البالغ من العمر 82 عاما. وفي مدينة المحلة تظاهر نحو ستين الفا من العمال والطلبة، وفشلت الشرطة في منعهم، وترددت انباء غير مؤكدة عن قيام المتظاهرين باعتقال رئيس مباحث المحلة. كما شهدت محافظات الإسكندرية والاسماعيلية ودمياط واسيوط والمنيا والمنصورة مظاهرات مماثلة، وهتف الآلاف بسقوط الرئيس مبارك. وفي مدينة السويس هتف المتظاهرون قائلين "بن علي بيناديك، فندق جدة مستنيك"، في إشارة إلى هروب الرئيس التونسي من بلاده إلى السعودية اثر مظاهرات احتجاج عنيفة. كما رددوا هتافات تقول "حكم الأب باطل، حكم الأم باطل، حكم الابن باطل"، في إشارة إلى مبارك وزوجته وابنه، حيث يقول مصريون إن سوزان مبارك تتدخل في شؤون بلادها السياسية." وفي مدينة المنصورة، أحاط محتجون بصورة كبيرة مرفوعة لمبارك ورددوا هتافا يقول "باطل باطل"، وقال شاهد عيان إن المحتجين حاولوا تحطيم الصورة، لكن قادة لهم هتفوا "سلمية سلمية". واعتبر مراقبون ان النظام المصري بدا مترنحا امام الانتفاضة الشعبية أول امس، ولم يستبعدوا ان تنجح في اجبار الرئيس مبارك على اتخاذ اجراءات اصلاحية في اقل تقدير.