عبّر العديد من الفنانين المصريين علنا عن مساندتهم للمظاهرات الشعبية التي تعرفها مصر منذ يوم الثلاثاء، ووجهوا اتهامات عنيفة لحكومة وطنهم بأنها قصّرت في القيام بواجباتها تجاه الشعب. وبينما تراجع عادل إمام سريعا عن موقفه المناهض للمظاهرات، ليعلن الخميس في مداخلة هاتفية مع برنامج ''مصر النهار ده'' عن تأييده الكامل لحق الشعوب في التظاهر والتعبير عن رأيها بصورة حضارية، خرج الكثير من الفنانين المصريين للتظاهر، وظهروا عبر شاشات الفضائيات وكافة وسائل الإعلام. وقام خالد الصاوي بتوجيه دعوة لزملائه عبر موقع ''الفايس بوك''، وطالبهم بالمشاركة في المظاهرات إلى جانب باقي أطياف الشعب. وعرض الصاوي أيضا عبر صفحته الرسمية علي موقع ''الفايس بوك'' أغنية راب تحمل اسم ''الغضب'' ، وتدعو الشعوب إلى عدم الاستكانة لظلم الحكام، وتفاعل مع الأغنية أكثر من 42 ألف مشترك. وقد أثارت دعوة الصاوي إلى التجمع في مقر النقابة غضب أشرف زكي، نقيب الممثلين الذي أشار إلى أنه سوف يشارك الفنانين في اجتماعهم لبحث الأوضاع التي تحدث في الشارع المصري بسبب مظاهرات الغضب. من جهة ثانية، شارك الفنان عمرو واكد في المظاهرات بميدان التحرير بالقاهرة، وذكر شهود عيان أنه قام بنفسه بتوزيع زجاجات المياه المعدنية على جموع المتظاهرين. وقال عمرو واكد ''إن التغيير قادم قادم''، وأنه في ميدان التحرير لأنه يحب مصر. فيما اتهم الفنان صلاح السعدني حكومة بلاده بفشلها في قراءة سيناريو مشهد المظاهرات منذ اندلاعها الثلاثاء الماضي، وكانت النتيجة تزايدها، وأصبحت الآن تضم الملايين من أبناء الشعب، حسب قوله، مندّدا بالنظام الحالي في مصر الذي أطاح بكل ما بناه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. وأشار الفنان محمود حميدة إلى أن خروج المصريين في الشوارع للمطالبة بحقوقهم البسيطة أمر طبيعي وكان متوقعا بعد المشهد التونسي الكبير. بينما طالب من جهته الفنان عزّت العلايلي الحكومة بالتعجل في إجراء تعديلات دستورية، والبدء في تنفيذ مطالب الشعب الذي فاض به الكيل، جراء تفشي غول الغلاء. فيما أيّد اتحاد كتاب مصر المطالب الدستورية المثقفون يكسرون حالة التدجين أبدى المثقفون المصريون آراء وتعليقات متباينة بخصوص خروج الشعب المصري في المظاهرات العارمة التي تشهدها مصر، وشارك فيها بعض الكتاب والمثقفين. وأشاد بعضهم بقدرة الشعب المصري على إحداث التغيير، فيما رأى آخرون أن المثقف المصري اليوم غير قادر على مسايرة التغيير، لأنه تعرّض للتدجين من قبل السلطة. ألقت قوات الأمن المصرية، أول أمس، القبض على الشاعر محمد خير، أثناء انضمامه إلى المظاهرات، أمام مبنى الحزب الوطني الحاكم بميدان التحرير بوسط القاهرة. وكتبت جريدة ''اليوم السابع'' أن الشاعر تعرّض للاعتداء من قبل رجال الأمن بالضرب المبرح بالأيدي. وقد أصدر اتحاد كتاب مصر بيانا انحاز فيه لمطالب انتفاضة الشباب الحالية، واتخذ رئيسه، محمد سلماوي، مواقف ضد السلطة، وأدان القمع والعنف الذي مورس ضد المتظاهرين، ورأى في ذلك خير دليل على تشبث كتاب مصر بدورهم الطليعي والوطني. وأكد الاتحاد ''إدانة الأسلوب القمعي الذي تعاملت به السلطات مع الجماهير المصرية في انتفاضتها''، معلنا تأييده ''المطالب الدستورية التي عبرت عنها جماهير الشعب، على نحو يكفل التداول السلمي على السلطة وإلغاء قانون الطوارئ''. وضمن هذا السياق، اعتبر الكاتب أسامة عفيفي ''أن المثقف العربي له مواقف كثيرة في مواجهة السلطة الديكتاتورية وكتابات الكثيرين تتعرض للمصادرة والرقابة، بل تحتل كتاباتهم المطالبة بالحرية والعدالة وبياناتهم المناهضة لسلطات الاستبداد صدر صفحات صحف المعارضة''. أما الكاتبة والناقدة بدرية بشر، فقد رأت أن فرضية وضع المثقفين جميعهم في سلة السلطة غير صحيحة على الإطلاق، وقالت: ''هناك منتفعون من السلطة، من مذاهب ومراتب وشرائح متعددة، يقع بعض المثقفين فيها، كونهم منتفعين لا كونهم مثقفين، هؤلاء يمارسون ما يمارسه كل منتفع مع السلطة، والذي لا همّ له سوى تحقيق مكاسبه الشخصية، حين يتأكد أن مدخوله من الدفاع عن أفكار السلطة أكبر من مدخوله من الدفاع عن الشعب''. ومن جهته، قال الروائي إبراهيم أصلان إن ما حدث شيء هام وعظيم في تاريخ الحركة الوطنية المصرية وله دلالات بالغة الأهمية، مؤكدا أن العلاقة بين النظام الحاكم والشعب ستتغير تماما بعد تلك الأحداث عما كانت قبلها، مضيفا ''إننا جميعا جزء مما يحدث، سواء شاركنا أو لم نشارك''. أما الروائي يوسف زيدان، فقال: ''الحكومة الحالية أمامها أمران فقط لا ثالث لهما، وهما إما أن تحترم مطالب تلك الناس البائسة والمحبطة، وإما أن تتنحى تماما''. وأضاف زيدان أن العنف لا يولد سوى العنف، مؤكدا أنه لا سبيل لإصلاح الأحوال إلا بالبحث في أصول المشكلات التي تشكو منها مصر. أما الدكتور طلعت شاهين، فأبدى رأيا مخالفا، وقال إن المثقفين المصريين والعرب بصفة عامة ''تعلموا من السلطة البقاء على كراسيهم التي قدمتها لهم الحكومة ليستمتعوا، حتى بعد سن الإحالة إلى التقاعد. وهناك نماذج معروفة وواضحة يكفي أن تنظر إلى كراسي المسؤولية الثقافية في مصر، فتجد أن جيل الخمسينيات والستينيات لا يزال جاثماً على صدور الناس، سواء من خلال العمل الثقافي أو الإعلامي، وكأن مصر توقفت عن الإنجاب منذ الستينيات وحتى الآن''. للإشارة، سبق للمثقفين المصريين أن أصدروا بيانا السنة الماضية، أكدوا فيه تأييدهم للدكتور محمد البرادعي، وهاجموا فيه بشدة سياسة النظام المصري. الجزائر: حميد عبد القادر/الوكالات