يتابع أبناء الجالية المصرية في الجزائر بقلق تطورات الوضع في بلادهم، خاصة بعد تأكيد مبارك بقاءه في السلطة لحين تنظيم انتخابات حرة. وأجمع الأغلبية ممن تحدثت ''الخبر'' إليهم على ضرورة مواصلة الاعتصام حتى يرحل ''الريّس'' لكتابة صفحة جديدة في حاضر مصر. يرى أغلب أفراد الجالية المصرية في الجزائر الذين استطلعنا آراءهم حول الأزمة التي تعيشها بلادهم، أنه لا مجال للعودة للوراء بعد تخطي المصريين لحاجز الخوف من قمع النظام، فلا بديل عن رحيل مبارك لافتكاك الحرية، مؤكدين أن وعوده للإصلاحات ليست إلا ذرا للرماد في الأعين. مبارك يبحث عن بديل من قلب النظام ''مبارك يريد أن يمد في أجل حكمه حتى يجد بديلا من قلب النظام، يضمن استمرار الاتفاقيات مع إسرائيل، لكن الشعب تفطن لضرورة رحيل الطاغية''، بهذه الكلمات تحدث إلينا منفعلا المصري عبد الغني قاضي، ونحن نسأله عن تفاعله مع تطورات الوضع في بلاده. وأضاف عبد الغني أن مبارك يستخف بالشعب عندما يعده بإصلاحات في ظرف ستة أشهر، عجز عن تقديمها في 30 عاما من حكمه، مواصلا: ''لم أر منذ أن وعيت على الدنيا غير مبارك رئيسا، يذهب ويأتي الرؤساء في المعمورة وهو ثابت في كرسيه ونظامه يستبد ويقمع في شعب لا يجد الخبز وفاقد لكرامته على أرضه''. ويرى عبد الغني أن من خرجوا مؤيدين لبقاء الرئيس، ليسوا إلا مأجورين من عملاء الحزب الحاكم، وليسوا أبدا من شرفاء مصر، مبرزا ''أنا متأكد أن غدا الجمعة ستكون يوما فاصلا في تاريخ مصر، ويوم الرحيل بالنسبة لمبارك. أما المهندس جلال علي، الذي يشتغل في مؤسسة متعددة الجنسيات، فيتأسف لغيابه عن مصر لمشاركة أبناء شعبه في كتابة تاريخ جديد لا وجود فيه لبقايا نظام مبارك المستبد، ويشاطر مواطنه عبد الغني في أن مبارك يسعى لربح الوقت من خلال جملة الإصلاحات التي يوعد بها. هي مجرد مناورات من السلطة وتنازلات صورية فالخيار الوحيد أمامه هو الانسحاب بكرامة''. ويتضرع جلال الله ليثبت أبناء بلده مهما كلفهم الأمر من تضحيات حتى ينالوا مرادهم: ''العودة إلى الوراء تعني العودة إلى الصفر، وتجرع نار انتقام لا ترحم''. ولم تختلف السيدة حكمت في رأيها عن مواطنيها جلال وعبد الغني، وهي تقضي الساعات مرابطة أمام القنوات الإخبارية في انتظار جديد مبشر بانتهاء عهد الديكتاتورية. وتقول محدثتنا التي تعيش في الجزائر منذ 39 سنة: ''خاتمة معاناة شعب مصر مع الفقر والقمع والخوف لن تكون إلا بذهاب مبارك وحاشيته''، مواصلة: ''نترجاه أن يتنحى بشرف قبل أن يجد نفسه هاربا يبحث عن مأوى في أصقاع الأرض''. بقاء الرئيس ضروري لضمان المرحلة الانتقالية وإن كان من تحدثنا إليهم يرون في إخماد نار الغضب مناورة من السلطة لامتصاص غضب الشارع، ويستعجلون تنحي مبارك عن الحكم، فالمحاسب في شركة التأمينات الجزائرية المصرية محمود سعد، يرى أنه في مصلحة الشعب الوثوق في وعود الرئيس بالإصلاحات، وانتظار أشهر قليلة لحين تنظيم انتخابات نزيهة، مؤكدا أن كسر الشعب لحاجز الخوف من قمع السلطة مكسب في حد ذاته. ويضيف سعد: ''بقاء الرئيس ضروري في نظري لضمان المرحلة الانتقالية، وبقاء البلد في حالة فراغ سياسي ليس أبدا في مصلحة البلاد، المهم أن الشعب أوصل رسالته للسلطة، وأفشل مشروع التوريث، وكسبت مصر شبابا واعيا هو مستقبل هذه الأمة''. وهو نفس ما ذهب إليه إبراهيم أبو السعود، الذي اعتبر أن المصريين حققوا هدفهم ونجحوا في إيصال صوتهم وحمل الرئيس على إحداث تغييرات وإصلاحات، ''لكن في كل الظروف يبقى الرئيس رمزا في مصر لا ينبغي إهانته أو إخراجه من الباب الضيق، فمثلما لاقى الشعب ظلما في فترة حكمة حقق مبارك مكاسب لمصر لا يجوز تجاهلها''. وفي عز الوقت العصيب الذي تمر به بلادهم، أجمع من تحدثت إليهم ''الخبر'' أنهم وجدوا العزاء في الجزائريين الذين تعاطفوا معهم وشدوا من همتهم في عز أزمتهم، ويترقبون على غرار المصريين تنحي الرئيس حسني مبارك، مؤكدين: ''فالجزائريون أدركوا أن الرئيس وأبناءه وحدهم من خلقوا الأزمة بين بلدين ما يجمعهما أكثر مما يفرق''.