* تزايد الضغوط ومبارك يبحث عن مخرج للنجاة بجلده احتشد ملايين المصريين أمس في مختلف المدن المصرية، وتجمع أغلبهم في ميدان التحرير بقلب العاصمة القاهرة، في أضخم مظاهرة شعبية تعيشها مصر على مدار تاريخها، مطالبين برحيل النظام المصري ورأسه محمد حسني مبارك، تحت سمع وبصر جنود الجيش الذين تدعمهم الدبابات وحاملات الجنود المدرعة. * أكثر من 2 مليون في ميدان التحرير * وصل عدد المحتجين في ميدان التحرير أكثر من مليوني متظاهر، من مختلف الأعمار والفئات والمهن، رجالا ونساء بينهم طلبة وأطباء وقضاة ومحامون وصحفيون وتجار وفلاحون، من أهل الريف والمدن. وحمل المحتجون الأعلام المصرية واللافتات وهم يرددون "مع السلامة يا مبارك" و"لن تحكمنا أمريكا بعد اليوم"، رافضين وعود الإصلاحات التي أطلقها تحت ضغط الانتفاضة الشعبية التي اندلعت الثلاثاء المنصرم. * .. و900 ألف متظاهر في المنصورة * وعمت المظاهرات والاحتجاجات مختلف المدن المصرية الكبيرة منها والصغيرة، وكانت ثاني أكبر المظاهرات بعد تلك التي احتضنها ميدان التحرير، تلك التي عاشتها مدينة المنصورة، والتي ضمت نصف مليون متظاهر، بحت حناجرهم من مطالبة مبارك ورموز نظامه بالتنحي عن السلطة. * كما احتشد أزيد من ربع مليون من المحتجين في ميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية ثاني كبرى المدن المصرية، وأزيد من 250 ألف في مدينة المحلة الكبرى، وعشرات الآلاف في السويس وهم يرددون هتافات منها "ارحل ارحل" و"ثورة ثورة حتى النصر ثورة في كل شوارع مصر"، كما امتدت الاحتجاجات إلى مدن أخرى مثل الإسماعيلية وبورسعيد. * * مبارك يتفاوض للنجاة بجلده * ومع اشتداد المطالبين برحيل مبارك، قالت مصادر إن الرئيس المصري بدأ يفكر في مخرج يضمن له عدم المتابعة القضائية له ولعائلته، تفاديا أن يحصل له ما حصل لنظيره التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، الذي هرب للمملكة العربية السعودية. وذكرت المصادر ذاتها أن مصير مبارك لم يعد بيده، وأن عمر سليمان ينتظر الضوء الأخضر من الأمريكان للانقضاض عليه، وتقديم قربانا للثورة الشعبية أملا في عودة الاستقرار للشارع المصري. * * ضابط في الجيش يلتحق بالمتظاهرين * وأظهرت قناة "الجزيرة" شخصا ببذلة ضابط عسكري محمول على أكتاف المتظاهرين في ميدان التحرير، يعلن التحاقه بصفوف المحتجين ومطالبا الرئيس حسني مبارك بالتنحي عن الحكم، حفاظا على استقرار مصر، ولم تلبث وزارة الدفاع أن تعلن على لسان ناطقها الرسمي، أن القانون يمنع ارتداء البذلة العسكرية من غير المنتمين للجيش وهددت بتطبيق قانون الطوارئ على من يقوم بذلك، في تلميح إلى أن الشخص الذي بدا محمولا على الأكتاف لم يكن عسكريا وإنما انتحل الصفة. * شائعات حول تنحي مبارك * وأظهر المحتجون في ميدان التحرير قدرة كبيرة على محاربة الشائعات التي يبثها الموالون لنظام مبارك وسط صفوفهم، والتي كان من بينها أن الرئيس استقال وانسحب من الحكم، في محاولة لدفع المحتجين إلى الانسحاب من الساحات العمومية والشوارع، غير أن المتظاهرين سارعوا إلى تكذيب هذه الشائعات عبر مكبرات الصوت، بحسب ما أدلى به أحد الصحفيين المتواجدين بميدان التحرير لقناة الجزيرة القطرية. * مشاداة مع الجيش في المنيا * وأفادت قناة الجزيرة الفضائية أن مشاداة وقعت بين قوات الجيش ومتظاهرين في منطقة المنيا بجنوب مصر، على خلفية رفض الجيش للمحتجين بالسفر إلى القاهرة من أجل المشاركة في المظاهرة المليونية التي دعت إليها قوى المعارضة والناقمين على حكم حسني مبارك. * وقالت وكالة رويتز للأنباء عبر مراسلها في القاهرة، إن قوة المظاهرات وعدد مرتاديها، زاد من ضعف قبضة مبارك على السلطة وخاصة بعد أن تعهد الجيش بعدم التصدي للحشود التي تجمعت في وسط القاهرة، عشية تدفق المتظاهرين على القاهرة، واقتصر موقف عناصر الجيش أمس على وضع أسلاك شائكة في ميدان التحرير لكنهم لم يحاولوا التدخل ونقلت رويترز عن عبد المطلب وهو محتج عمره 38 عاما، قوله "حققنا الجزء الصعب. الآن على المثقفين والسياسيين أن يتضافروا معا ويقدموا لنا البدائل". * إصابة أربعة في اشتباك بين مؤيدين ومعارضين لمبارك * إلى ذلك، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن شهود عيان قولهم، إن أربعة أشخاص أصيبوا في اشتباك بين محتجين على مبارك ومؤيدين له، وأفادت الوكالة أن مؤيدين للرئيس المصري حسني مبارك اشتبكوا مع محتجين عليه في مدينة كفر الشيخ بدلتا النيل. * وقال شاهد إن مؤيدي مبارك كانوا مسلحين بالسيوف والسواطير وقد هاجموا المحتجين الذين وصل عددهم إلى ألوف. وأضاف أن قوات من الجيش تحاول الفصل بين الجانبين. وتابع أن المصابين من المحتجين على الرئيس المصري. * وقال شاهد في مدينة الاسكندرية الساحلية إن عشرات من مؤيدي مبارك هاجموا بعض المشتركين في مظاهرة احتجاج ضخمة وأن متظاهرين حاولوا ضربهم لكن محتجين آخرين هتفوا "سلمية.. سلمية". * مسيرة إلى القصر الرئاسي إذا لم يتنح مبارك * والتزم المحتجون ميدان التحرير وبعض الشوارع المحيطة به بعد أن عجزت الساحة عن احتضانهم بسبب عددهم، وتظاهروا في هدوء تام، غير أنهم أعطوا مهلة للرئيس حسني مبارك، لا تتعدى ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء كي يقدم استقالته وينسحب من الحكم، وإلا قرروا بداية من اليوم القيام بمسيرة نحو القصر الرئاسي الكائن مقره ب "مصر الجديدة"، لحمل مبارك على الرحيل بالقوة. * وقد أخذت السلطات العسكرية هذا التهديد مأخذ الجد، وقالت قناة الجزيرة الفضائية إن الحرس الجمهوري، قاموا بإحاطة القصر الرئاسي بمصر الجديدة، بالأسلاك الشائكة في محاولة استباقية لاحتمال تنفيذ حشود المتظاهرين لتهديدهم. * مظاهرات مؤيدة في المغرب وقطر * وامتدت المظاهرات المؤيدة لمطالب المحتجين إلى عدد من الدول العربية ودول العالم، وشهدت العاصمة المغربية الرباط مظاهرة تساند مطالب المحتجين، ودعت الرئيس المصري للإصغاء لمطالب الشعب والانسحاب من الحكم، كما شهدت العاصمة القطرية الدوحة، مظاهرة أخرى نظمتها الجالية المصرية، صبوا خلالها جام غضبهم على موقف الرئيس حسني مبارك الذي لازال متشبثا بكرسيه رغم لفظه من عموم الشعب المصري. * الإخوان المسلمون: المعارضة ترفض الحوار قبل رحيل مبارك * وقالت جماعة "الإخوان المسلمون" إن ائتلافا من جماعات المعارضة أبلغ الحكومة المصرية بأنه سيبدأ محادثات بشأن التحول إلى الديمقراطية بمجرد تنحي الرئيس حسني مبارك. وقال محمد البلتاجي العضو السابق بالبرلمان المصري وعضو جماعة الإخوان إن الطلب الأول هو رحيل مبارك وبعد ذلك فقط يمكن بدء الحوار مع الجيش بشأن تفاصيل انتقال سلمي للسلطة. * وأضاف البلتاجي أن المعارضة تعمل تحت مظلة جماعة لمتابعة مطالب الشعب وتضم جماعة الإخوان والجمعية الوطنية للتغيير بقيادة محمد البرادعي أحزابا سياسية وشخصيات بارزة بينها أقباط. * البرادعي: رحيل مبارك يعيد للشارع هدوءه * وأمام الصمت المطبق الذي قابل به مبارك مطالب المحتجين ودعوات المعارضة بالانسحاب، وبالمقابل تكليف عمر سليمان للتحاور مع المعارضة، قال الزعيم المعارض محمد البرادعي، إنه يتعين على مبارك أن يرحل كأولى الشروط، قبل أن يبدأ الحوار بين المعارضة والحكومة. * وأضاف البرادعي في تصريح لقناة العربية الفضائية "يمكن أن يكون هناك حوار ولكن يجب أن تنفذ مطالب الشعب وأولها رحيل مبارك"، مشيرا إلى أن "الحوار سيتضمن ترتيبات لانتقال السلطة وحل البرلمان"، معتبرا رحيل مبارك عن السلطة عاملا مهما في عودة الاستقرار إلى الشارع المصري. * الحياة تتوقف في مصر * وقد تواصل توقف الحياة في مصر منذ "جمعة الغضب"، فأغلب المحلات والمتاجر ظلت مغلقة إلى غاية أمس، كما أعلن البنك المركزي المصري أن البنوك العاملة في البلاد ستظل مغلقة إلى غاية الأربعاء لليوم الرابع على التوالي وسط احتجاجات واسعة النطاق، وقال إنه مازال يقيّم الأوضاع بشأن ما إذا كانت ستظل مغلقة يوم الخميس. * وقال هشام رامز نائب محافظ البنك "ستظل مغلقة يوم الأربعاء ولم نقرر بعد بشأن الخميس" وكذلك الشأن بالنسبة للبورصة. * رئيس لجنة الشيوخ بالكونغرس يدعو مبارك للاستقالة * وقد أجمع أغلب المتابعين للشأن المصري بعد المظاهرة المليونية، أن أيام حسني مبارك في الرئاسة باتت معدودة، وعبر عن هذا الاعتقاد، ريتشارد هاس، رئيس مجمع العلاقات الخارجية في واشنطن، كما دعا السيناتور الأمريكي جون كيري ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الرئيس المصري إلى الاستقالة من منصبه احتراما لموقف الشعب الرافض لبقائه. * أردوغان يدعو الرئيس المصري للتنحي * وحث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان نظام الرئيس المصري حسني مبارك على "الاستجابة دون تردد لرغبة التغيير لدى شعبه". وقال أردوغان في رسالة ضمنية إلى مبارك الذي أجرى معه الرئيس الأمريكي باراك أوباما مباحثات هاتفية الليلة الماضية بشأن الوضع في مصر "أقول للرئيس مبارك بشكل أخوي إننا بشر وإننا إلى زوال". * وذكر أردوغان مخاطبا مبارك في كلمة أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم "استمع لصيحات الشعب ومطالبه التي تمس صميم الحق الإنساني، استجب لمطالب الشعب بالحرية دون تردد". وأضاف أن حل المشاكل السياسية هو صندوق الاقتراع، مؤكدا أن "الانتخابات المعروفة نتائجها مسبقا لا تسمى انتخابات". * إيران: المصريون والتونسيون أذهلوا أمريكا * وعبرت السلطات الإيرانية عن وقوفها إلى جانب مطالب الشعب المصري، الداعي لاستقالة مبارك من الرئاسة، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان برست إن الشعب في كل من مصر وتونس "أذهل" القوى الأجنبية بالانتفاض ضد الحكومات التي تساندها الولاياتالمتحدة. وأضاف المسؤول الإيراني في مؤتمر صحفي أسبوعي "في حين تأخذ المنطقة شكلا جديدا وتتواصل التطورات، نأمل أن نرى شرقا أوسط إسلاميا وقويا يقف أمام المحتلين الصهاينة"، في إشارة إلى الدولة العبرية التي لا تعترف بها إيران. كما أشادت طهران بالاحتجاجات الواسعة التي تشهدها مصر قائلة إنها تكرار للثورة الإسلامية لعام 1979 التي أطاحت بالشاه الموالي للولايات المتحدة في إيران. * الاتحاد الأوروبي: نؤيد التطلعات الديمقراطية للمصريين * واكتفى الاتحاد الأوروبي بالدعوة لانتقال منظم للسلطة في مصر، وتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة، وأشار إلى أن هناك حاجة لإجراء إصلاحات ديمقراطية لتهيئة الظروف قبل إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وحث بيان للوزراء ال27 ، بعد اجتماعهم في العاصمة البلجيكية بروكسل، السلطات المصرية على "إيجاد حل سلمي وبناء" يقوم على فتح حوار جدي مع كل القوى السياسية. * واعترف البيان "بالتطلعات الديمقراطية المشروعة للشعب المصري ومعاناته"، ورأى أنه يجب "الإصغاء إليها بعناية ومعالجتها من خلال تدابير عاجلة وملموسة وحاسمة". *