بإعلانه التنحي عن السلطة بإجبار من القوات المسلحة المصرية، دقت ساعة الحساب لرئيس حكم أكبر بلد عربي بيد من حديد ونهب مع عائلته 70 مليار دولار. اليوم وبعد أن سقط حسني مبارك، وسقط معه كل الذين راهنوا على بقائه وظهروا في القنوات الفضائية يبكون وينوحون فقط لأنه قال إنه لن يترشح لعهدة أخرى، بدأت الأصوات تنادي بضرورة مصادرة أملاكه وتجميد حساباته في البنوك السويسرية، وهو مطلب لم يكن ليظهر لو أن هذا الديكتاتور لبى نداء الرحيل في الأيام الأولى لثورة الشباب. وكانت الأيام تمر وسقف المطالب يرتفع ووصل حد المطالبة بإعدام حسني مبارك بعد أن خيّب الآمال بخطابه الثالث أول أمس، حين استفز الملايين في ميدان التحرير وأعلن أنه باق في السلطة إلى سبتمبر القادم، رغم تفويض سلطاته لنائب الرئيس عمر سليمان الذي أصبح بدوره شخصا غير مرغوب فيه بعد أن كان مقبولا لإدارة المرحلة الانتقالية. مشهد المصريين وهم يحتفلون بانتصار الثورة الشعبية على نظام حسني مبارك، يفند أكاذيب أذناب الحزب الوطني بأن مصر ليست ميدان التحرير، وأن المعتصمين لا يمثلون كل الشعب المصري. والدليل على ذلك هو اختفاؤهم التام في انتظار ركوب الموجة والانضمام إلى معارضي مبارك. حاول الكثير ممن يتابعون الاعتصام من بيوتهم عبر شاشة قناة الجزيرة أن يثبطوا عزيمة الشباب، وحتى الذين ساندوا الثورة اقتنعوا بالخطاب الثاني لحسني مبارك ووجهوا نداء للشباب من أجل إنهاء الاعتصام، لأن ما كانوا يطالبون به قد تحقق. ولكن هؤلاء اكتشفوا أنهم لا يملكون أي سلطة على شباب ميدان التحرير، كما لا يملك أوباما وكامرون ولا ساركوزي ولا ميركل سلطة عليهم، خلافا لاتهامات الرئيس المخلوع ونائبه المنبوذ اللذين تحدثا عن تنفيذ أجندات أجنبية على أرض مصر، وكلاهما مصيره متعلق تعلق الجنين برحم أمه بأمريكا وبريطانيا وإسرائيل. الحساب سيمتد لشهور وربما لسنوات، لأن الملفات كثيرة والمتهمين بالآلاف، لذلك فإن العمل الكبير الذي ينتظر القضاة يجب أن يجد الدعم الكامل من السلطة العسكرية التي أصبحت تمسك بزمام الأمور منذ تنحي الرئيس مبارك.