درس مكتب حركة مجتمع السلم مقترحا تقدم به نائب رئيسها، عبد الرزاق مقري، في شكل مشروع يدعو إلى الانسحاب من مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الحكومة. المشروع تم عرضه على المكتب الوطني قبل أسابيع قليلة، وتحديدا بعد احتجاجات 5 جانفي الماضي، ويقوم على فكرة الخروج من الحكومة، بعد أن زالت مسببات ودوافع المشاركة فيها، والعودة إلى صف المعارضة خدمة لتطلعات المجتمع الجزائري ومشروع الحركة المستند إلى مبادئ ثورة التحرير فيما تعلق بإقامة دولة ديمقراطية واجتماعية على أساس المبادئ الإسلامية. وأكدت مصادر في داخل المكتب الوطني بأن مشروع مقري لم يحظ بتأييد غالبية الأعضاء، لأنه لا يتماشى مع النهج الذي رسمه المؤسس الراحل محفوظ نحناح في مطلع التسعينات والقاضي بالمشاركة في مؤسسات الدولة منعا لانهيارها ولضرب الحركة الإسلامية من طرف دعاة الاستئصال. وفي اتصال معه، نفى عبد الرزاق مقري، أمس، وجود أي خلاف مع قادة حمس، كما أنه ''ليس منخرطا في أي تجاذب شخصي داخل الحركة ولا منشغلا على الإطلاق بهذه الأشياء الصغيرة''، معترفا في الوقت نفسه بأنه يرى ''ضرورة مراجعة علاقتنا بالحكومة، وأنا أناقشه بكل حرية داخل مؤسسات الحركة بعيدا كل البعد عن أي نوع من أنواع الصراع والاستقطاب''. وبخصوص ما تردد بشأن طلب تقدم به في اجتماع للمكتب التنفيذي الوطني، قبل أسبوعين، بإعفائه من منصب كنائب للرئيس وعضو بالمكتب، أجاب مقري بأنه ''لم يقدم استقالته مطلقا''، وأن آراءه هي محل نقاش داخل الحركة ومؤسساتها التي تستوعبها، مضيفا بأن ''الجميع متفقون على إطلاق مسار تشاور كبير حول التحولات الداخلية في البلاد''. وعن مضمون مشروعه الخاص بالانسحاب من الحكومة والعودة إلى المعارضة أوضح مقري بأن مشاركة حمس في المرحلة الانتقالية من خلال الائتلاف الحكومي ثم التحالف الرئاسي ''أدت الأغراض الإستراتيجية التي حددت لها وهي إنقاذ الوطن وحفظ الدولة من الانهيار''. وتابع قائلا: ''نحن نعيش واقعا جديدا والخطر الذي يهدد الدولة الجزائرية والحركة الإسلامية زال''.. مشيرا إلى أن ''الفساد هو الخطر الحقيقي الذي يحدق بالجزائر، وعليه يجب أن نقوم بمراجعات كبيرة داخل الحركة خاصة وأن الكل يقول إن الوقت قد حان لذلك''. وعما يتردد بخصوص وجود خلافات بينه وبين أبوجرة سلطاني وقيادات ثقيلة الوزن في ''حمس''، نفى مقري ذلك وقال ''نناقش أفكارنا داخل مؤسسات الحركة بدون صراع على الإطلاق بل في جو أخوي''. وعن القيادات التي تؤيد مسعاه، قال مقري: ''حينما انتهجنا المشاركة السياسية كانت البلاد تشتعل وكان الوضع خطيرا جدا، والمشروع الذي اقترحته هو مجرد وجهة نظر شخصية توجد قيد النقاش ووحدها مؤسسات الحزب من ستفصل فيه، علما بأنه رأي الكثيرين''.