إنّ قِصر الأمل وكثرة ذِكر الموت والاستعداد له نفعه عظيم وفضله كثير، لأنّ مَن قَصُر أمله وكثُر للموت ذِكره، جَدَّ في صالح العمل، وترك التّشويف والكسل، وزهد في الدنيا ورغب في العُقبَى وبادر بالتوبة والرّجوع إلى الله تعالى وتباعد عمّا يشغله عن طاعة الله وعن سلوك سبيل مرضاته، ومَن طال أمله وقلّ للموت ذِكره، كان على الضدّ من ذلك. عن الحسن البصري رحمه الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''أكلُّكم يحبّ أن يدخل الجنّة؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: قصِّروا في الأمل وأثبتوا آجالكم بين أبصاركم، واستَحْيُوا من الله حقّ الحياء''، أخرجه الترمذي. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول في دعائه: ''اللّهمّ إنّي أعوذ بك مِن دُنيا تمنع خير الآخرة، وأعوذ بك من حياة تمنع خير الممات، وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل''، رواه ابن أبي الدنيا. وقالت عائشة رضي الله عنها: هل يُحشَر مع الشّهداء غيرهم؟ فقال: ''نعم، مَن يذكر الموت في اليوم واللّيلة عِشرين مرّة''، رواه الطبراني. وقال عليه الصّلاة والسّلام: ''أكثروا مِن ذِكر هادم اللّذات، فإنّه يمحِّص الذّنوب ويُزهِّد في الدنيا''، رواه ابن أبي الدنيا.