شهدت مدينة بنغازي، في الثماني والأربعين ساعة الماضية، أبشع مجزرة على يد قوات تابعة لنظام القذافي، مدعومة بمرتزقة أفارقة. وقد خلفت عملية التقتيل الجماعي أكثر من 200 قتيل في هذه المدينة وحدها، بحسب مصادر عديدة. شيع الليبيون، أمس الأحد، عشرات القتلى سقطوا في مجزرة بنغازي، بالرصاص الحي من قبل قوات الأمن ومرتزقة أفارقة. في حين واصلت القوات الليبية رمي المتظاهرين في المدينة بالقذائف المضادة للطيران التي تعرف محليا باسم ''م. ط''. وقال شهود عيان تحدثوا لقنوات فضائية إن شوارع المدينة لم تفرغ من المتظاهرين الذين ازداد تمسكهم بمطلبهم إسقاط نظام القذافي. وقال هؤلاء إن عشرات الجثث شوهدت مرمية في الشوارع، في منظر شبيه بمجازر وقعت في دول إفريقيا الوسطى. وبينما توالت الأنباء عن انضمام العديد من ضباط الجيش إلى صفوف المواطنين ورفضهم إطلاق النار على المتظاهرين، قال شهود عيان إن سيارات مدنية تخرج من كتيبة الفضيل، محل إقامة الزعيم الليبي معمر القذافي في بنغازي، في ساعات الليل وترمي المتظاهرين بالرصاص الحي. وتتردد إشاعات عن وجود عمليات إنزال في مطار ''بنينا'' الدولي لمرتزقة أفارقة مسلحين. وقال شهود عيان إنه بسبب حالة الفراغ الأمني الذي تعيشه مدينة بنغازي، فقد تولى عدد من شباب المدينة تسيير حركة المرور، كما قام آخرون بتنظيم لجان وطنية شبابية تتكون من لجان تغذية وطب ونظافة وإعاشة وجمع تبرعات لمساعدة أهالي المدينة على الصمود. ونقل مصدر طبي أن مستشفيات بنغازي تفوح برائحة الموت وتعج بمئات الجرحى، وأن أكثر الحالات التي تصل المستشفى توجد على حافة الموت، وأغلبها مصاب بالرصاص في مناطق الرأس والرقبة والصدر. وأوضح المصدر أنه بالكشف عن المصابين والقتلى يتبين أن قوات الأمن استخدمت رصاصا ينشطر في الجسم، ونوعا آخر من القذائف المضادة للطيران. وبعد أربعة أيام من التقتيل والقمع، وفي ظل تداول معلومات مصورة عن استنجاد القذافي بمرتزقة أفارقة، حاولت السلطات الليبية إبعاد التهمة عنها، ب''الإعلان عن إلقاء القبض على عناصر شبكة أجنبية مدربة على كيفية حصول صدام لكي تنفلت الأمور وتتحول إلى فوضى لضرب استقرار ليبيا وأمن وأمان مواطنيها ووحدتهم الوطنية''، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الليبية أمس. ويقول خبر وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن الشبكة نشرت عناصرها في عدة مدن ليبية، وهم ينتمون إلى جنسيات تونسية ومصرية وسودانية وتركية وفلسطينية وسورية. ولم تكتف السلطات الليبية بإلصاق تهمة التحريض والفوضى بشبكة أجنبية، بل أعلنت عن احتجاز عناصر من قوات الأمن ومواطنين من طرف ''مجموعة إسلامية متشددة'' يطلق عليها اسم ''إمارة برقة الإسلامية''. وفي هذا السياق، أعلن مسؤول ليبي رفيع المستوى، أمس الأحد، أن مجموعة مسلحة من ''المتطرفين الإسلاميين'' تحتجز مجموعة من الرهائن في بلدة البيضاء شرقي الجماهيرية الليبية. وقال المسؤول الليبي إن المجموعة التي تطلق على نفسها اسم ''إمارة برقة الإسلامية'' تحتجز مجموعة من عناصر الأمن ومواطنين ليبيين''، مشيرا إلى أن عملية الاحتجاز بدأت منذ اندلاع الاحتجاجات الأخيرة في ليبيا. وتطالب هذه المجموعة المسلحة، حسب نفس المصدر، ''برفع حظر التجول المفروض من قبل قوات الأمن، كشرط لإطلاق سراح الرهائن''. وأشار نفس المسؤول إلى أن مفاوضات لإطلاق سراح الرهائن بدأت، أول أمس، بقيادة وزير العدل الليبي مصطفى عبد الجليل. وفيما يخص مجزرة بنغازي، نقلت وسائل الإعلام أن عدد القتلى في هذه المدينة وصل إلى 200 إضافة إلى 1000 جريح. وتحدثت تقارير عن استعمال الجيش الليبي مروحيات لقمع المتظاهرين. وقال شهود عيان إن هناك قصفاً عشوائياً يستهدف الرجال والأطفال والنساء في بنغازي، حيث يحاصر المتظاهرون نجل الزعيم الليبي الساعدي، وتبذل القوى الأمنية محاولات لإخراجه من المدينة. وكانت منظمة ''هيومن رايتس ووتش'' تحدثت عن سقوط ما لا يقل عن 104 أشخاص قتلوا خلال الأيام الماضية. وأمام همجية القتل التي ظهر بها نظام القذافي، أصدر حوالي 50 من علماء ليبيا ''نداء عاجلا'' لقوات الأمن يدعونهم فيه لوقف عمليات القتل. وضم النداء الذي أوردته وكالة ''رويترز'' علماء دين ومفكرين وزعماء عشائر من طرابلس وبني وليد والزنتان وجادو ومسلاته ومصراته والزاوية وبلدات وقرى أخرى بالمنطقة الغربية. وناشد خلاله هؤلاء جميع المسلمين سواء داخل النظام أو خارجه مساعدة الأهالي العزل ووضع حد للمجازر المرتكبة في حق المتظاهرين.