بيوتر تشيخاتشف (1808 1890) عالم رحالة روسي، عضو شرفي في أكاديمية العلوم في بطرسبورغ (1876)، من الأسماء اللامعة والشخصيات العالمية المرموقة في القرن التاسع عشر، اشتهر بالدراسة المنهجية لمنطقة آسيا الصغرى وآلتاي. وتحمل إلى اليوم إحدى السلاسل الجبلية في آلتاي اسمه. لقد اشتهر هذا العالم في الخارج أكثر مما اشتهر في بلده روسيا. وسبب ذلك هو أن تشيخاتشف قضى جزءا كبيرا من حياته خارج حدود روسيا (كملحق بسفارة روسيا في القسطنطينية وكسائح). ويرجع أيضا إلى كون تشيخاتشف وضع مؤلفاته العلمية باللغتين الألمانية والفرنسية، وهو ما دفع الأكاديمي بارتولد إلى القول ''إن نشاط هذا العالم مرتبط بشكل أوثق بالمؤلفات العلمية الأوروبية الغربية منه بالروسية''. غير أن بوريس دانتسيغ وغيره من المؤرخين يدافعون عن روسية تشيخاتشف الذي ظل روسيا في اهتماماته وأعماله، والذي يعتبر ممثلا لامعا للعقلية والموهبة الروسية بين علماء العالم وأوروبا الغربية. كان تشيخاتشف عالما مختصا في الجغرافيا والجيولوجيا، كما كان شغوفا بالشرق وعوالمه السحرية. وقد زار تشيخاتشف العديد من البلدان العربية، منها مصر وفلسطين وسوريا وليبيا وتونس والجزائر. والتقى الباشا محمد علي الذي أحسن ضيافته ومنحه هدايا ثمينة. ومما يدل على تعلق هذه الشخصية بأبحاثها العلمية وشغفه بها هو أنه تخلى عن الخدمة في منصبه الديبلوماسي سنة 1844، وباع قطعة أرض ورثها عن أمه في مقاطعة ساراتوف لينصرف كليا إلى رحلاته عبر العالم وتنقيباته العلمية، خاصة في تركيا وآلتاي. وبالإضافة إلى تخصصه العلمي، فإن تشيخاتشف معروف بسعة اهتمامه. فهو لا يكاد في وصف رحلاتها يترك مسألة إلا تطرق إليها بالتعليق والشرح. وحتى قضايا التجارة والصناعة والمال والمسائل العسكرية والسياسية، نجدها في صلب اهتماماته. قام تشيخاتشف برحلة إلى الجزائر وتونس عام .1877 وكان عمره آنذاك 69 سنة. وبعد هذه الرحلة، نشر كتابا في شكل رسائل موجهة إلى صديقه الفرنسي ميشيل شوفاليه. وقد نشر هذا الكتاب بالفرنسية في الأصل عام 1880 بباريس، ولم يترجم إلى الروسية إلا .1975 يتحدث تشيخاتشف في الأجزاء الخاصة بالجزائر عن جغرافيا البلد وطبيعته الجيولوجية. ويتطرق أيضا إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، دون أن ينسى الحديث عن الظاهرة الاستعمارية التي كانت تعيش أثناء زيارة تشيخاتشف للجزائر، أزمة خانقة مسّت على وجه الخصوص صناعة التبغ والكروم. يتضمن كتاب تشيخاتشف معلومات قيّمة ونادرة عن الجزائر في فترة زيارته لها، وهو مكتوب بأسلوب بديع. إلا أنه يتصف، حسب تقييم بوريس دانتسيغ ''بالسطحية... ولا يشكل دراسة مستقلة، ويختلف بشكل جوهري من هذه الناحية عن الأعمال الأخرى التي أنتجها عن آسيا الصغرى''.