أعلن بنك الجزائر أنه سيصدر ورقة نقدية جديدة من صنف ألفي دينار، وذلك لتخليد الذكرى ال47 لإنشاء العملة الوطنية، وقال إن الهدف منها ''ضمان وفرة كبيرة للأوراق النقدية''. ولم تكشف بعد ملامح هذه الورقة الجديدة عن شكل ونوعية الحيوانات المختارة هذه المرة لتزيين ورقة ألفي دينار، ولا عن موعد دخولها سوق التداول. بإمكان هذه الورقة النقدية الجديدة أن تحرك مطبعة بنك الجزائر وتخرجها من حالة العطل التي لازمتها لسنوات، لم يكن بمقدورها تجديد ورقة 200 دينار التي تمزقت واهترأت وتغيّر حتى لونها، ومع ذلك لم تجدد ولم تسحب من التداول بالرغم من تعطيلها لآلات السحب الأوتوماتيكية. لكن في الوقت الذي كان الجزائريون ينتظرون حلا لأزمة السيولة النقدية التي تحولت إلى ''كابوس'' ينغص على الموظفين والعمال حياتهم، وهم يهرولون عند نهاية كل شهر، من جهة لأخرى من أجل سحب رواتبهم، على مستوى شبابيك البريد، خرج بنك الجزائر بحل أقل ما يقال عنه أنه ''جا يكحّلها عماها''. فهل يعقل أن مسؤولي بنك الجزائر لا يعلمون أن أحد الأسباب الرئيسية في أزمة السيولة النقدية، مرده إلى تخزين الأوراق النقدية، خصوصا من فئتي ألف دينار و500 دينار، من قبل كبار التجار والمستوردين في أماكن خارج البنوك تماما؟ وهل يعقل أيضا أن سي لكصاسي وجماعته في بنك الجزائر ليسوا على علم بما أصبح متداولا على نطاق واسع حول ''الشكارة'' كوسيلة تعامل أساسية في كل التعاملات التجارية وليس ''الشيك''. وعندما يجتهد بنك الجزائر ويقرر إصدار ورقة نقدية من فئة ألفي دينار، فلا يمكن فهم هذا القرار إلا من زاوية أن مسؤولي البنك يعيشون في كوكب آخر غير كوكب الواقع الجزائري الذي يقول إن ورقة ألفي دينار الجديدة من شأنها تأزيم مشكلة السيولة النقدية وليس حلها أو التخفيف منها، لكونها ستسهل على أصحاب ''الشكارة'' تخزين هذه الورقة ''أبو ألفين دينار''، بل ونكاد نجزم أن كل ورقة منها تخرج للسوق لن تعود إلى البنوك ثانية، لأنه من السهل تهريبها من طرف المهربين، ومن الأسهل ''تنويمها'' داخل الأكياس البلاستيكية، من قبل سماسرة السوق السوداء والناشطين في ''لانفورمال'' وما أكثرهم. الغريب في الأمر أنه بالموازاة مع تراجع الحكومة عن إجبارية فرض الشيك على كل التعاملات التي تفوق 500 ألف دينار، وهو رضوخ صريح منها لأصحاب الشكارة والمتهربين من مصالح ''الفيسك''، يأتي بنك الجزائر ليزيد هو الآخر من تراجع الحكومة، ليمنح فرصة من ذهب لهؤلاء لتخزين أهم وأكبر ورقة نقدية في البلاد لتعزيز إمبراطورية ''الشكارة''، رغم ما لذلك من خطورة على اقتصاد وموارد البلد برمته.. فهل بهذا تحيا الجزائر؟