الرياضة الجامعية: أساتذة جامعيون يضبطون الاستراتيجية الوطنية الجامعية لانخراط الجمعيات في الرابطات    الوزير الأول الباكستاني يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    شرفة يبرز دور المعارض الترويجية في تصدير المنتجات الفلاحية للخارج    مجلس الأمن: دعوات إلى احترام سيادة لبنان وتجنب التصعيد في الشرق الأوسط    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 41 ألفا و788 شهيدا    المبعوث الأممي دي ميستورا يصل إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين    كأس افريقيا 2025: بيتكوفيتش يكشف عن قائمة ال26 لاعبا تحسبا للمواجهة المزدوجة مع الطوغو    حوادث المرور: وفاة 14 شخصا وإصابة 455 آخرين بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: الطبعة ال12 تكرم أربعة نجوم سينمائية    الأمم المتحدة: مجموعة A3+ تدعو إلى إصلاح مجلس الأمن    توقيف 31 تاجر وإحباط إدخال 5 قناطير كيف قادمة من المغرب    توافد جمهور شبابي متعطش لمشاهدة نجوم المهرجان    هل الشعر ديوان العرب..؟!    المقاول الذاتي لا يلزمه الحصول على (NIS)    الرئيس تبون ينصب اللجنة الوطنية لمراجعة قانوني البلدية والولاية    وزير السياحة وعلى مستوى ساحة البريد المركزي بالعاصمة    المشروع التمهيدي لقانون المالية 2025- تعويض متضرري التقلبات الجوية    مدى إمكانية إجراء عزل الرئيس الفرنسي من منصبه    رداً على "عدم إدانته" لهجوم إيران..الصهاينة يعلنون غوتيريش شخصاً غير مرغوب فيه    عبر الحدود مع المغرب.. إحباط محاولات إدخال أزيد من 5 قناطير من الكيف المعالج    يضم خمس نقاط..التوقيع على محضر محادثات بين الجزائر والنيجر في مجال المحروقات    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب:الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    الجزائر تعلنها من جنيف.."عودة الأمن في الشرق الأوسط مرهونة بإنهاء الاحتلال الصهيوني"    بعد قرار سلطات الاحتلال بوصفه شخص غير مرحب به..الجزائر تعلن تضامنها التام مع الأمين العام للأمم المتحدة    محمد عرقاب : أغلب دول "أوبك+" تحترم مستويات الإنتاج المطلوبة بالكامل    متعاملون وفاعلون في قطاع المناولة : ضرورة ترقية آليات من شأنها تعزيز الإدماج الوطني    الجزائر تفقد المجاهد والمؤرّخ الزبيري    تحلية مياه البحر: الرئيس المدير العام لسوناطراك يعاين إعادة تشغيل محطة الحامة    نعكف على مراجعة قانون حماية المسنّين    تدشين المعهد العالي للسينما بالقليعة    قافلة طبية لفائدة المناطق النائية بالبليدة    الحكواتي صديق ماحي يشرع في كتابة سلسلة من الحكايات الشعبية حول أبطال المقاومة والثورة التحريرية    الطبعة ال12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: تنافس 11 فيلما طويلا على جائزة "الوهر الذهبي"    حوادث الطرقات : وفاة 2082 شخصا وإصابة 8821 آخرين خلال 8 أشهر    ألعاب القوى (بيكيارد ايلترا الجزائر): تنظيم سباق دولي إقصائي يوم 19 اكتوبر بمنتزه الصابلات    افتتاح الطبعة ال3 لصالون التجارة والخدمات الالكترونية بمشاركة 130 عارض    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    الرابطة الأولى: تأخير انطلاق مباراة مولودية وهران-جمعية الشلف إلى الساعة 30ر20    قوجيل: السرد المسؤول لتاريخ الجزائر يشكل "مرجعية للأجيال الحالية والمقبلة"    بيتكوفيتش يكشف عن قائمة اللاعبين اليوم    بن جامع يقدم مرافعة قوية ضد ممثل المغرب في الأمم المتحدة    تدشن المعهد الوطني العالي للسينما:الجزائر تمهد للولوج إلى لاقتصاد السينمائي    كوثر كريكو : نحو مراجعة القانون المتعلق بحماية الأشخاص المسنين وإثراء نصوصه    الدورة التاسعة : الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة محمد ديب للأدب    عين تموشنت.. توقف نشاط محطة تحلية مياه البحر لشاطئ الهلال من أجل أشغال الصيانة    إجراءات وقائية ميدانية مكثفة للحفاظ على الصحة العمومية.. حالات الملاريا المسجلة بتمنراست وافدة من المناطق الحدودية    الجزائر تترأّس لجنتين هامّتين    حرب باردة بين برشلونة وأراوخو    منتخب الكيك بوكسينغ يتألق    توقيع اتفاقية شراكة في مجال التكفل الطبي    هذا جديد سلطة حماية المعطيات    اللجنة الطبية التي تم إرسالها تعمل بكل جد وتفان    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    مونديال الكيك بوكسينغ : منتخب الجزائر يحرز 17 ميدالية    هذا العلاج الشرعي للوسوسة..    الحياء من رفع اليدين بالدعاء أمام الناس    عقوبة انتشار المعاصي    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''مستعدون للموت بردا وجوعا من أجل الإدماج''
''الخبر'' تقضي ليلة مع الأساتذة المتعاقدين والمستخلفين المعتصمين أمام الوزارة
نشر في الخبر يوم 19 - 04 - 2011

افترش عشرات الأساتذة الرصيف المقابل لوزارة التربية بالعاصمة، واستعانوا بمحافظهم التي حولوها إلى وسادة تمنحهم القوة والإصرار على مواصلة الاحتجاج والاعتصام ولو كلفهم ذلك حياتهم.. ''الخبر'' رافقتهم ليلا ونقلت عزمهم على مواجهة ''إجحاف'' وزارة التربية في حقهم وحرمانهم من الإدماج. و لم يستسلموا على الرغم من أنهم تعرضوا للقمع والضرب في اعتصامهم الأسبوع الفارط أمام مقر رئاسة الجمهورية بالمرداية، فحزموا ما استطاعوا من زاد المعلم والأستاذ الذي لا يتعدى ''مئزرا'' و''محفظة'' وقرروا الاعتصام والمبيت في قارعة الطريق بالقرب من مقر ملحقة وزارة التربية في العناصر.
كانت الساعة تشير إلى حدود التاسعة ليلا، عندما وصلت ''الخبر'' إلى مكان الاعتصام..كانوا يفترشون ''الكرتون'' بعد أن أنهكهم التعب، بعد يوم من الاعتصام والاحتجاج تحت أشعة الشمس الحارقة.
أول ما شد انتباهنا وجود معلمات أصررن على المبيت في العراء، اقتربنا منهن، وسمعنا قصة كل واحدة منهن.
تقول الأساتذة ''مليكة'' التي قدمت من المدية ''أنا هنا من أجل حقي الضائع، لقد تم فصلي بعد 8 سنوات من تدريسي في الثانوي''. وأضافت المتحدثة التي بدا التعب على محياها ''من درستهم تخرجوا وهم موظفون، وأنا وجدت نفسي في الشارع''.
''زوجي وأبنائي ساندوني على الاعتصام''
أما الأستاذة ''صفية'' التي بدت أكثر إصرارا وحماسا من أجل نقل مشكلتها، كانت ترتدي المئزر الأبيض، الذي أصرت ألا يفارقها حتى في نومها على الرصيف. ترى المتحدثة التي قدمت من البويرة، بأنها ''لن تسكت عن حقها''. ولأنها تدرس اللغة الفرنسية في الطور الثانوي منذ 9 سنوات، في منصب شاغر قررت أن تفترش ''الكرتون'' على أن تتنازل عن حقها الضائع بسبب ''الإدماج العشوائي لوزارة التربية''. مثلما تقول نفس المتحدثة.
''صفية'' التي تركت طفلين من ورائها، قالت ''زوجي من أحضرني إلى هنا، وهو يشجعني على الإصرار من أجل الحصول على حقي''. وتضيف ''لقد تلاعبوا بي وحرموني من منصبي، بعد أن جاءت أستاذة نجحت في المسابقة، ولم تلتحق بمنصبها إلى يومنا هذا''.
وتنهار الأستاذة بالبكاء فجأة عندما تتذكر بأنها أصبحت مستخلفة في منصب شاغر منذ ,2002 خصوصا وأن من درستهم وظفوا وأدمجوا، على عكس وضعيتها. ولا تخفي بأن ابنها اتصل بها هاتفيا ليطمئن عليها، وشجعها على الإصرار لأنها هي من علمته ألا يسكت عن حقه. في مثل هذا الوقت، كان بعض مناصري فريقي اتحاد الحراش ووفاق سطيف الذين أمطروا المعتصمين بالكلام غير اللائق، وعلى العكس من ذلك لقي هؤلاء دعما من السكان المجاورين لمقر الوزارة، حيث منحوهم الأفرشة والزرابي للمبيت، أما أصحاب المحلات فلم يبخلوا عليهم بالمياه المعدنية والمأكولات (كاشير وبطاطا مقلية وياؤرت) والدعم والمساندة.
مع مرور الوقت، كنا نتبادل أطراف الحديث مع المعتصمين، الذين أطلقوا على المكان اسم ''رصيف الإدماج''. ومن بين هؤلاء الأستاذ عمر من تيبازة، هو متعاقد منذ 2003 حيث يدرس اللغة العربية في الطور الابتدائي. وبنبرة ضعيفة يقول ''لقد فصلت في 31 ديسمبر الفارط، ووظفوا أستاذا آخر، وأنا في سن ال33لم أتمكن من الزواج ولا الحصول على وظيفة''. ويتأسف المتحدث عندما يتذكر تلامذته، الذين رافقهم منذ السنة الأولى وهم الآن في السنة الخامسة، حيث يقول ''يستوقفني تلاميذي وهم يبكون بسبب معاناتهم مع الأستاذ الجديد، لأنهم لا يفهمون الدروس التي يقدمها''.
أما حكاية الأستاذ محمد من نفس الولاية، فهي لا تعقل، لأنه أستاذ متعاقد منذ 2003، في منصب شاغر بمدرسة ابتدائية بالمنطقة الجبلية سيدي سميان. ويقول ''التحقت بهذه المدرسة أنا وعائلتي، على أساس أن هناك سكن وظيفي، لكني وجدت نفسي في خراب، ومع هذا صبرت ودرست لمدة 6 سنوات إلى أن وصل بي الأمر إلى أن أنظف الأقسام أنا وزوجتي وأبنائي''. وتحول مع مرور الوقت إلى مدير المدرسة في غياب مديرها الحقيقي وحارسها ليل نهار. ويقول ''كانت زوجتي تطهو الأكل للتلاميذ الذين لا يمكنهم العودة إلى منازلهم، وأمنحهم قارورة الغاز للتدفئة في عز الشتاء لمّا تغيب التدفئة''.
كانت الساعة تشير إلى حدود منتصف الليل، عندما بدأت الحركة تقل في الشارع والبرد قد تغلغل في عظام المعتصمين. ومع هذا يقول الأستاذ محمد من قسنطينة ''لم أتوقع يوما بأني سأبيت في العراء...لكني لم أحس لمثل هذه الحرية التي أعيشها هذه اللحظات''. وينتقد المعلم قرار وزير التربية بقوله ''الحكومة عارضت نفسها ويجب أن يشملنا القرار من دون استثناء''. وأضاف ''الأوراق والوثائق التي نستخرجها كل سنة من أجل مسابقات التوظيف، تكفي لحرق كل الجزائر''.
''استغلونا زمن الإرهاب وفصلونا يوم الإدماج ''
في حدود الواحدة صباحا يستسلم البعض للنوم، خصوصا وأن التعب قد أتى عليهم، في حين بقي البعض يتحدث عن مستقبل وضعيتهم. كانت الأستاذة نبيلة، القادمة من بجاية المتعاقدة منذ 2003تتلو القرآن الكريم والمصحف بين يديها. وتقول ''أنا أدرّس اللغة الإنجليزية منذ ,2003 واليوم وجدت نفسي قد استغليت استغلالا بشعا من طرف الوزارة، فطلبونا عند الحاجة ثم رمونا، بعد سنوات من التدريس زمن الخوف والإرهاب''. وترى المتحدثة بأن ''بن بوزيد أهدى للمتخرجين الجدد هدايا على حسابنا نحن''. ولا تستغرب أن يلتف حول موقفها زوجها وعائلتها، الذين يساندونها من أجل الحصول على حقها الضائع.
ولا تختلف قصة الأستاذة المستخلفة عائشة التي قدمت من مدينة سعيدة عن غيرها، حيث تقول ''أنا متزوجة وأم ل3 أطفال، وقررت الموت هنا في رصيف الإدماج''. ومع أن النوم قد تمكن من البعض، فإن البرد حرم آخرين من أن يغمضوا أعينهم أصلا. وتحت جنح الظلام وصوت منبهات سيارات المناصرين، تكشف الأستاذة خديجة القادمة من وهران عن مشكلتها لتقول ''أنا مفصولة وأصر على الإدماج، وزوجي شجعني على المواصلة، لأن الطرد كان مخطط له قبل الإدماج المزعوم''.
تركنا الأساتذة المعتصمين فجرا، وتركنا معهم قصص معاناة من ''استغلوا'' لسنوات، ليجدوا أنفسهم في الشارع ويتم إدماج آخرين بلا خبرة، حولوا الرصيف إلى ساحة للنضال وتغيير الوضع، ويحلمون بمنصب يضمن لهم مستقبلهم حتى يرسموا مستقبل ملايين التلاميذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.