قررت الحكومة تبني سياسة إعلامية جديدة، في إطار توجه يرمي إلى الانفتاح على المجتمع الجزائري واسترجاع زمام المبادرة في مجال التأثير وصناعة رأي عام وطني، بعيدا عن تأثيرات وسائل الإعلام الأجنبية. قال مصدر مسؤول ل''الخبر'': ''بالنسبة لوسائل الإعلام الوطنية، تتوجه سياسة الاتصال الجديدة، المنتهجة من طرف الحكومة، إلى التحول من الوضعية الدفاعية والتقوقع إلى وضعية المبادرة والاستباقية.'' وتابع أن هذا التحول تفرضه ثلاثة عوامل رئيسية، وهي التعديل العميق للدستور، المرتقب العام 2013 كأقصى تقدير، وتعميق الإصلاحات والاستعداد للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وترتكز هذه السياسة ''إلى منح الأولوية لوسائل الإعلام العمومية''، وفي مقدمتها التلفزيون الذي سيتعزز قبل نهاية العام الجاري بقنوات متخصصة، الهدف منها، حسب نفس المصدر، ''إخراج المشاهد الجزائري من تأثير القنوات الأجنبية، في ظل غياب المصداقية عن الصحافة العمومية التي ''تعاني من سوء التسيير وضعف التأطير المهني الجيد للمنتسبين إليها''. وتتصدر القنوات الإخبارية قائمة ''مسببات الصداع'' للسلطات العمومية، تليها القنوات ذات البرامج المتنوعة، وفي المرتبة الثالثة من حيث التأثير القنوات الفرنسية. وحسب دراسة حكومية أعدت من طرف خبراء ومصالح وزارية، واطلعت عليها ''الخبر''، فإن القنوات الأكثر مشاهدة من طرف الجزائريين، وتساهم في صناعة قناعات سلبية تجاه الواقع الجزائري بدون صعوبة تذكر، فضائيات شرق أوسطية (المنار المصرية) وخليجية (دبي، أم. بي. سي. الجزيرة، العربية) وفرنسية (تي أف 1، وفرانس 2 و3، وأل سي إي، وفرانس 24) ومغاربية (ميدي 1 سات). وحذرت خلاصة الدراسة الحكومة من التأثير المباشر لهذه الفضائيات في نمط تفكير الجزائريين، حيث تعمل على صناعة أفكار وتصرفات فورية تجاه ''رهانات سياسية واقتصادية وثقافية كبرى''. وبلغة صريحة، تشير الخلاصة، التي رفعت إلى السلطات العليا، مؤخرا، وأدت إلى تسريع إصدار قرارات كانت بمثابة مفاجأة للعديد من المراقبين، إلى تهديدات تتعرض لها الجزائر بسبب استمرارها في خنق الحريات الإعلامية. ويتعلق الأمر، حسب نفس المصدر، بغياب شبه كامل لوسائل الإعلام العمومية في الساحة الإعلامية الدولية، بفعل ''صمت وتقوقع، وفي أحسن الحالات صوت لا صدى له''، وأيضا تحول الجزائر إلى ''هدف سهل تستغله وسائل الإعلام الأجنبية ومتعاملون خواص في مجال تكنولوجيات الاتصال الحديثة للحصول على إيرادات إشهارية خيالية، وأخيرا صعوبة فرض هوية جزائرية على صعيد الخط الافتتاحي لوسائل الإعلام الوطنية العمومية كما الخاصة، وعلى الصعيد الثقافي كذلك''. ومن أجل هذا، أوصت الدراسة، التي من المنتظر أن تبدأ أولى ثمارها تظهر على المشهد الإعلامي الوطني، الشهر المقبل، بالإسراع في نفض الغبار عن قانون الإشهار المودع لدى البرلمان في ,1998 وقام بتجميده مجلس الأمة بقرار من الرئيس بوتفليقة مباشرة بعد وصوله قصر المرادية، على الرغم من مصادقة نواب المجلس الشعبي الوطني عليه. وفي هذا الصدد، أشارت الدراسة إلى ''صلاحية النص التشريعي المذكور وأن كل ما يحتاج إليه هو بعض التحسينات بسبب ما سيطرأ على قانون الإعلام من تعديلات هو الآخر''. غير أن الدراسة نصحت الحكومة والمشرفين على قطاع الاتصال بتبني تنظيم جديد في العلاقة بين وسائل الإعلام ووكالات الاتصال أو الإشهار، بحيث تحظر بشكل تام العلاقة العضوية بينهما.. بمعنى أن يمنع على الوسائط الإعلامية امتلاك وكالات إشهارية والعكس صحيح. وفي شق آخر من الدراسة، أوصت هذه الأخيرة السلطات العمومية برد الاعتبار لقطاع الاتصال المؤسساتي أو الحكومي، بحيث يتم ''تعزيز خلايا الاتصال المتواجدة على مستوى الوزارة الأولى والوزارات والإدارات والمؤسسات العمومية بكفاءات إعلامية متخصصة، وتمكينها من تنظيم إداري مستقل يمنع خضوعها للموظفين البيروقراطيين، إضافة إلى إطلاق مواقع إلكترونية على شبكة الأنترنت تفاعلية يشرف عليها أعوان متخصصون''.