غرقت مسرحية ''الإمبراطور والمهندسة'' التي عُرضت ليلة أول أمس، بمسرح محي الدين بشطارزي، خلال اليوم الثاني من فعاليات المهرجان الوطني للمسرح في مستنقع الثقل، وكابح الخطاب المباشر. وبين كلا المستويين كانت بمثابة مسرحية خالية من اللغة الدرامية والصور الفنية، حتى راح الجمهور المتعوّد على التفاعل مع العرض، يصفّق لمجرد التصفيق على عرض بدا ثقيلا وانتهى وعظيا. أرادت مسرحية ''الإمبراطور والمهندسة'' التي اقتبسها حبيب بوخليفة من نص فرناندو أرابال، وأخرجها سيد أحمد دراوي، أن تنقل مواضيع فلسفية وتقيم محاكمة لمن يقيّد حرية الآخر. وهو ما أراده أرابال لما كتب هذا النص بحثا عن قيمة السعادة، في مجتمع يكبّل الحريات رغم أنه يتظاهر بعكس ذلك. لكن حبيب بوخليفة تجاوزه، وأسقطه على التجاوزات التي تحصل حاليا، عبر العالم القائم على الاعتداء والمساس بحرية الآخر. اقتربت المسرحية من ظاهرة الحرفة، والبحث عن الحرية في عالم يدّعي الحرية حسب ما جاء في العرض، لكنه يمس بحرية الآخرين في الضفة الجنوبية. ونتابع كل هذه الأحداث وسط ديكور بسيط، يتمثل في مجسّم حديدي سرعان ما ينفتح ليتحوّل إلى ما يشبه القارب، ويحرّك خيوط العمل رجل حلّ بجزيرة نائية يلتقي امرأة متوحشة (تمثيل أمال بن عمرة)، تُطلق عليها تسمية الإمبراطور. كان الرجل (تمثيل رضوان حليش) في طريقه لبلاد الحرية، فارا من موطنه، فتحطمت الطائرة التي كانت تقلّه إلى هناك، ثم يجد نفسه وسط لا شيء. وتشكّل علاقته بالمرأة المتوحشة اللحظة الوحيدة في المسرحية، التي تحاول رسم خيوط صراع بين الخير والشر، بلغة لم ترق لمستوى عرض مسرحي يبحث في قضايا شائكة مثل السعادة والحرية. وقد وقع المخرج سيد أحمد دراوي في عدد من المطبّات، فالموسيقى لم تكن تساير العرض، فهي موسيقى عصرية، لكن الديكور يوحي إلى بلد متوحش. والرقصات الكوريغرافية جاءت جزافا، وانتهى العرض في لحظة من الخطاب المباشر حول الحرية واعتداءات الدول العظمى، وتمجيد الوطنية بشكل فجّ، ألغى الفرجة واللمسات الفنية، التي لم تبرز إلا من زاوية التمثيل، فقد قام الثنائي أمال بن عمرة ورضوان حليش بجهد كبير على الركح. أصداء - أعلن مدير المسرح الوطني الجزائري امحمد بن قطاف، عن إنتاج مائة مسرحية، وكان فخورا بذلك، لكنه لم يأت لمشاهدة عرض ''الإمبراطور والمهندسة''، فهل كان يعرف مسبقا أنه عرضٌ لا يستحق المشاهدة؟ - لم يتحصّل الجمهور الذي جاء لمشاهدة مسرحية ''الإمبراطور والمهندسة''، على الورقة التقنية التي تعرّف بالمسرحية. ولم يعثر على أسماء كاتب النص والمخرج والممثلين، إلا بعد عناء شديد.. قيل إن المهرجان محترف، لكن الممارسات غير ذلك. - كانت الممثلة صونيا مديرة مسرح سكيكدة الجهوي، أول من غادر عرض ''الإمبراطور والمهندسة''، قبل نهايته بفترة زمنية طويلة، ثم تبعها الكاتب المسرحي والروائي أحميدة العياشي. - لم يتابع الفنانون المصريون الذي كانوا متواجدين بمسرح محي الدين بشطارزي، عرض مسرحية ''الإمبراطور والمهندسة'' إلا لبعض الوقت، فكانوا من بين المغادرين الأوائل.. هل فعلوا ذلك بسبب اللغة الدرامية؟