الدروز والعلويون والسنة والأكراد والعرب... كلهم منتفضون قال الداعية السوري الدكتور منير غضبان، خلال زيارة أداها لجريدة ''الخبر''، وفي رده على سؤال حول خلفيات وأبعاد ما يجري في سوريا: ''ببساطة القضية في سوريا قضية إنسان، والإنسان السوري مغيب منذ قرابة نصف قرن، كما أنه أصبح مهجرا، بعد أن دفع النظام الحاكم نخب وإطارات هذا البلد إلى الهجرة، فأصبح حجم الطاقات العلمية والفكرية السورية المتواجدة بخارج البلد أكبر من الحجم المتبقي داخله''. وروى ضيف ''الخبر'' أنه التقى منذ مدة مسؤولا سوريا كبيرا وسأله عما إذا كان المواطن السوري مازال غير قادر على حكم نفسه بعد خمسين عاما من اعتماد المادة الثامنة من الدستور، وجاء الرد، حسبه، من بشار الأسد الذي قال للشعب بعد أسابيع قليلة من انفجار الثورة الحالية، إنه بحاجة إلى جيل جديد حتى تكون سوريا مؤهلة للديمقراطية. الدكتور منير غضبان يذكر بالصور التي بثها التلفزيون السوري عند استقبال نواب البرلمان الرئيس بشار، يومها قال أحد ''نواب الشعب'' للرئيس الأسد: ''الوطن العربي أصغر منك، ويفترض أن تحكم العالم كله والوطن العربي وليس سوريا فقط''، فهل هناك نفاق أكثر من هذا وهل هناك تفاهة أكثر من هذه؟ ولإبراز طبيعة منطق النظام السوري، ذكر ضيف ''الخبر'' ما قاله الرجل الثاني في النظام، رامي مخلوف، الذي لم يجد ما يقوله حتى يرضي الغرب غير أن أمن إسرائيل مرتبط باستقرار سوريا، واستجداء بالغرب كذلك يحاول النظام ربط الثورة بالسلفيين وعلاقة هؤلاء بالقاعدة. وهنا ينبه الدكتور منير غضبان إلى الحركة الاحتجاجية التي تهز 228 مدينة وقرية سورية منتشرة من أقصى شمال سوريا إلى أقصى جنوبها ومن أقصى شرقها إلى أقصى غربها. أما عن طبيعة مفجري الثورة وقادتها فهم، كما يقول، من كل الطوائف والقوميات والمذاهب والتيارات، فنجد منهم، كما يقول، الدرزية منتهى الأطرش ابنة سلطان الأطرش قائد ثورة ,1925 هذه المرأة تتحرك هذه الأيام رغم تقدمها في السن بكل المدن السورية لدعم الثوار، وحتى من الطائفة العلوية التي تنتمي لها عائلة الأسد، يقول محدثنا، نجد الشخصية الاقتصادية البارزة عارف دليلة الذي قضى معظم حياته في السجون، لا لشيء سوى لأنه انتقد السياسة الاقتصادية للنظام الحاكم، كما نجد الضابط الكبير في الجيش السوري وحيد صقر الذي لم يمنعه انتماؤه الطائفي للعلويين من القول إن بشار وحافظ الأسد وعاصف شوكت هم صهاينة الوطن العربي، وبطبيعة الحال لا يختلف ولا يقل دور الأكراد والسنة وبقية مكونات المجتمع السوري أهمية من سبق الإشارة إليهم. كما يوضح الضيف أن الذين يواجهون هذه الأيام آلة قمع الأجهزة الأمنية السورية ينتمون إلى كل الأحزاب والتيارات من الإسلاميين وحتى الشيوعيين، وهذا لأن الثورة في الأساس شعبية وبالتالي أكبر من كل الأحزاب التي وجدت نفسها تساير وتتبع أثر شباب ''الفايسبوك'' والصحف الإلكترونية. وعن المستقبل الذي ينتظر سوريا وثورتها، يقول الدكتور منير غضبان إن ''النظام السوري لا يعرف وسيلة ولا يملك أداة لمواجهة الشعب غير القمع والأجهزة الأمنية، وعليه فالخيار الوحيد المتاح أمامه هو الحل الأمني، لكن الشارع أثبت بالمقابل أنه كلما ازداد القمع حدة كلما ازدادت الثورة التهابا''، ثم يوضح ضيف ''الخبر'' أن منع الجرحى من الالتحاق بالمستشفيات، وقلع أظافر الأطفال تعذيبا لهم على مطالبتهم بالحرية، واستخدام الدبابات والطائرات لمواجهة جماهير تصرخ ''سلمية سلمية'' ولا تحمل حتى خناجر بسيطة، كل هذا القمع لم يمنع من انتشار الانتفاضة بكل المدن السورية وقراها. ضيف ''الخبر'' يخلص في نهاية حديثه إلى أن شباب سوريا أسقطوا زيف النظام الحاكم، بعد أن ظل لعشرات السنين يوهم السوريين والعرب عموما بأنه نظام مقاومة وممانعة، لكن توجيه دباباته وطائراته العسكرية نحو المواطنين السوريين وليس ضد العدو الإسرائيلي أسقط هذا الخطاب المخادع.