وقعت الجزائر وسوريا في ختام أشغال أول دورة للجنة العليا المشتركة الجزائرية السورية المنعقدة بدمشق برئاسة السيد أحمد أويحيى رئيس الحكومة، والسيد محمد ناجي رئيس الوزراء السوري على ست اتفاقيات وأربعة برامج تنفيذية، وتتعلق هذه الاتفاقيات بمجالات التعاون القنصلي، والصحة، والنقل والتجارة، والشؤون الاجتماعية، والثقافة والفلاحة، والتعليم العالي، كما قررت الجزائر إمداد سوريا بالغاز ابتداء من العام القادم والنفط في العام الموالي. وتوجت هذه الدورة بتسطير برنامج تعاون شامل يخص جميع قطاعات النشاط، ويشرع في تنفيذه ابتداء من العام القادم. ووقع البلدان في مجال التعاون القنصلي على اتفاقية تهدف الى تأطير نمو التواصل الإنساني بين البلدين وحركية التنقل وإقامة مواطني البلدين قصد تسهيل اقامة وتنقل وعمل مواطني البلدين. أما في مجال الصحة فقد تم التوقيع على اتفاقية للتعاون ترمي الى تعزيز التعاون والشراكة في مجال العلاج والرعاية الصحية وتبادل الخبرات في مجال الوقاية وصناعة الأدوية وتسجيل المنتوجات الصيدلانية والمستلزمات والآلات الطبية. أما الاتفاقية الخاصة بالتعاون في مجال النقل الدولي عبر الطرقات وعبور الركاب والبضائع فتهدف الى تسهيل انسياب الأشخاص والسلع وإلى تنظيم النقل البري عبر الطرق للركاب والبضائع بين البلدين. وفي الميدان التجاري اتفق الجانبان على زيادة حجم التبادل التجاري، وللوصول الى هذا الهدف تم أيضا التوقيع على اتفاق تعاون بين مركز التجارة الخارجية السوري والوكالة الوطنية لترقية الصادرات الخارجية. وصادق الطرفان بالمناسبة ايضا على اتفاق تعاون في مجال الشؤون الاجتماعية، حيث يهدف إلى إرساء التعاون قي ميادين الشؤون الاجتماعية خاصة الرعاية الاجتماعية لفئة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم الاجتماعي ورعايتهم وتبادل الخبرات في هذا الشأن. وبشأن برنامج عمل للتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين الجزائر وسوريا الذي يمتد الى غاية 2009 فهو يهدف إلى تطوير العلاقات التجارية والاستثمارات والشراكة والتعريف بالإمكانيات لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. كما تم التوقيع على ثلاثة برامج تنفيذية ويتعلق الأول بالتعاون الثقافي لتعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين في مجالات السينما والمسرح والمكتبات والآثار والمتاحف والموسيقى وكل النشاطات التي ترتبط بالحياة الثقافية بين البلدين.أما الثاني فيخص مجال الزراعة والهدف منه تنفيذ أنشطة التعاون وتبادل الخبرات في مجال البحوث العلمية ووقاية النباتات والإنتاج الحيواني والشؤون الزراعية والإرشاد الفلاحي والتبادل التجاري في الميدان الزراعي. وبخصوص البرنامج التنفيذي الثالث فيتعلق بمجال التعليم العالي والقصد منه تشجيع التعاون بين الجامعات ومعاهد التعليم العالي بين البلدين وإزالة الصعوبات التي قد تعترض تبادل الوفود الطلابية والعلمية بين البلدين. وإلى جانب ذلك تم تحديد خريطة طريق بشأن آفاق التعاون بين البلدين تتلخص في الاتفاق المبدئي في المجال التجاري التفاضلي بنظام القوائم. وفي المجال الجمركي تم الاتفاق مبدئيا أيضا على وضع ميكانيزمات تقنية لتنفيذ اتفاق التعاون والوقاية والبحث وقمع المخالفات الجمركية وكذا تنظيم لقاءات عليا بين مصالح الجمارك في البلدين وتبادل المعلومات التجارية. كما اتفق الطرفان ايضا على توريد الغاز الطبيعي الجزائري الى سوريا ابتداء من 2009 والنفط في 2010. وفي مجال الصناعة تم تحديد مجالات التعاون الصناعي وتبادل الخبرات في ميدان المراكز التقنية الصناعية حيث يتمتع الجانب السوري بخبرة في مجال النسيج والمنتوجات الصيدلانية والزراعات الصناعية وكذا تبادل المعلومات التقنية والإحصائية. وفي مجال الاستثمار تم الاتفاق على إقامة علاقات مباشرة بين الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار ونظيرتها السورية الى جانب تعديل الاتفاق المتضمن الحماية والتشجيع المتبادل للاستثمارات الموقع في سنة 1967. وقد برمج الاجتماع الأول في الثلاثي الأول من 2009 بالجزائر. وفي الميدان المالي اتفق الطرفان على إقامة التعاون بين البنوك المركزية وبحث إمكانية إقامة تعاون مباشر بين البنوك التجارية العمومية في البلدين. وفي القطاع الفلاحي فقد تم الاتفاق المبدئي على برنامج تنفيذي 2009- 2010 يتضمن تبادل قوائم المنتوجات الفلاحية والنباتية والحيوانية الكفيلة بأن تكون محل تصدير وإمكانية رفع الإجراء المتضمن منع دخول التمور الجزائرية الى السوق السورية. وأعلن السيد أحمد أويحيى في تصريح للصحافيين بعد حفل التوقيع على الاتفاقيات أن لجنة المتابعة ستعقد اجتماعاتها كل ستة أشهر قصد تقييم مدى تنفيذ ما تم التوصل إليه. وسبق التوقيع على جميع هذه الاتفاقيات، توقيع رئيسي الحكومتين على إنشاء اتفاقية تأسيس اللجنة العليا المشتركة الجزائرية السورية وعلى محضر دورتها الأولى. وفي ندوة صحفية مشتركة وصف رئيسا حكومتي الجزائر وسوريا الدورة بالناجحة، وعبرا عن ارتياحهما للناتج المحققة. وأشار السيد أويحيى الى ان هذه الدورة ستساهم في دفع العلاقات الاقتصادية لاسيما وان هناك ارادة سياسية "لجعل هذا التعاون مثلا يقتدى به على الصعيد العربي". واضاف ان المبادلات بين البلدين يمكن ان "تتضاعف الى اكثر من ثلاث مرات في وقت قياسي" نظرا للإمكانيات التي يتوفر عليها البلدان حيث "هناك قطاعات مثل الحبوب والصناعة والطاقة يمكن ترقية المبادلات فيها بأرقام أكبر مما هو مسجل حاليا ولا تحتاج إلا للتأطير فقط". ووصف السيد أويحى نتائج الدورة ب"خارطة طريق" تفتح آفاق التعاون بين البلدين. ومن جهته عبر السيد محمد ناجي عطري عن ارتياحه للنتائج التي خرجت بها الدورة وقال انها "تعبر عن إرادة سياسية من قيادتي البلدين وتعكس عمق العلاقات التاريخية بين سوريا والجزائر". ومن جهة أخرى أدلى السيد أويحيى للتلفزة السورية بحوار عاد فيه الى جميع التفاصيل المرتبطة بنتاج الدورة واكد ان "هناك إرادة سياسية من قيادتي البلدين لترقية التعاون" وأن انعقاد اللجنة العليا المشتركة "يأتي استجابة لهذه الإرادة". وردا على سؤال يتعلق بالانطباع الذي خرج به إثر الجولة التي قادته الى بعض المعالم التاريخية والأثرية في دمشق قال السيد أويحيى: "لقد لاحظت خلال زيارة تلك المعالم الحضارية الحيوية والحنكة للمسيرين السوريين في الحفاظ على هذه الآثار المعمارية" مشيرا إلى أن تكون هذه المناسبة للتفكير في تبادل الخبرات في هذا الميدان. وحول الموقف من التطورات التي شهدتها العلاقات السورية اللبنانية قال رئيس الحكومة أن "الجزائر ترحب بتأسيس علاقة كلاسيكية بين سوريا ولبنان وإننا سعداء لذلك". أما بشأن الموقف من القضية الفلسطينية أوضح السيد أويحيى أن الجزائر "مثلها مثل سوريا ما تزال تعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية". وبعد أن أعرب عن "أسفه" للانشقاق الحاصل في الوسط الفلسطيني عبر عن "ترحيب الجزائر بالمساعي الجارية لرأب الصدع" سواء من طرف مصر أومن جانب سوريا، وأكد أن الجزائر "ما تزال تتبنى الشعار الذي أطلقه الرئيس الراحل هواري بومدين "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة". الدولة ستتكفل بمواطنيها في الغربة وخلال الزيارة التي قادت السيد اويحيي الى سوريا واستغرقت يومين التقى مساء الأربعاء الماضي بمقر السفارة الجزائريةبدمشق ممثلين عن الجالية الجزائرية المقيمة بسوريا ابرز خلاله الاهمية التي توليها الدولة الجزائرية وعلى رأسها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة للجالية الجزائرية. واكد في كلمة القاها بالمناسبة الهدف من اللقاء هو "الاستماع الى الجالية والاطمئنان عليها وللتعبير عن الاهتمام الذي توليه الدولة للجالية الجزائرية في سوريا نظرا لما تحمله من دلالات وما تمثله من عمق تاريخي ولطبيعة هجرتها اذ نلتقي - كما قال - "بأحفاد آبائنا وأجدادنا الذين هجروا تحت القهر الاستعماري بعد نكسة واحتلال الجزائر وعلى رأسهم الرمز الامير عبد القادر". وذكر بعزم الدولة الجزائرية بعد استرجاع عافيتها بفضل المصالحة الوطنية وبفضل جهود وتلاحم الجزائريين على "العودة القوية داخليا والتفرغ ايضا لرعاية اهاليها في الغربة" والدليل على ذلك كان - كما قال - من خلال دعوة عدد من ابناء الجالية الجزائرية في سوريا لزيارة الجزائر في الصائفة الاخيرة، وتعهد بحل جميع المشاكل التي تعاني منها الجالية في سوريا في اطار اللجنة العليا المشتركة والاتفاقية القنصلية. وبعد هذه الكلمة فسح المجال لعدد من ممثلي الجالية لطرح انشغالاتهم والتي تمحورت بالخصوص حول علاقات الجالية بالسفارة الجزائرية وكذا وضعية الجالية في البلد المضيف. وحول الانشغالات التي تخص العلاقة مع بعض هيئات الدولة الجزائرية مثل مسالة ملف الجنسية وعدم قدرة اعضاء الجالية المعنيين التنقل من دمشق او بلد آخر الى الجزائر قال انه "يمكن ايجاد حل مثلا عن طريق تكفل السفارة بذلك لتقوم كوسيط بين المواطن والمصالح المعنية في الجزائر". واوضح ان ما نحتاجه بالنسبة لصلة الجزائر بأبنائها "هو الصراحة لتعزيز الثقة وليس انتظار الفرص لقول كلام يتناسب مع الظرف وربما يخلق كثير من التطلع وفي النهاية يخلق هوة اوسع". وفيما يتعلق بالانشغال حول النقل من وإلى الجزائر ولا سيما النقل البحرى وعد رئيس الحكومة بأنه سيتم دراسة الموضوع وإيجاد صيغة مقبولة ولكن - كما قال- "لا يمكن ان يكون ذلك لفتح جسر للتراباندو فالرعاية واجبة على الدولة ولكن ليس لوضع المزيد من المتاعب للاقتصاد الجزائري". أما فيما يخص المسائل المتعلقة بالعلاقة بين الجالية والدولة المضيفة، فقد اوضح رئيس الحكومة انه من الضروري على الجالية احترام قوانين الدولة المضيفة مؤكدا انه تطرق خلال لقائه مع رئيس الوزراء السوري لموضوع تحسين وتنظيم الجالية. وفي الاخير طلب من الجالية الجزائرية تنظيم نفسها للمساعدة في معالجة المشاكل سواء مع الدولة الأصلية او مع الدولة المضيفة مؤكدا انه ينبغي على الجالية ان تكون سفيرا للدولة الجزائرية.