كشف فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، عن الإعداد لمذكرة سترفع للسلطات تقترح عليها عقد اتفاقات قضائية مع دول الرعايا الأجانب المساجين بالجزائر، تسمح لهم إكمال العقوبة في بلدانهم. وقال إنه لا يجد مانعا في استفادة المتورطين منهم في الارهاب، من تدابير المصالحة على قدم المساواة مع الجزائريين. وصرّح فاروق قسنطيني في لقاء قصير مع ''الخبر'' بمبنى مجلس قضاء الجزائر، أن تقريرا ستحضَره اللجنة حول الرعايا الأجانب المساجين بالجزائر بتهم الإرهاب والمخدرات والتزوير، يقترح على السلطات عقد اتفاقات قضائية مع حكوماتهم تسمح بنقلهم إلى بلدانهم لإكمال عقوبة السجن. وأوضح بأن الجزائر ''لن تستفيد من أي شيء من إعادة تربيتهم وفق منظومتها العقابية، طالما أنهم سيعودون إلى بلدانهم في النهاية. كما أن الدولة توفر على نفسها الأموال التي تنفق عليهم في إطار التكفل بهم خلال فترة السجن''. ويرى قسنطيني أن حالات كثيرة من الأجانب المسجونين المدانين بتهم الإرهاب، مؤهلة للاستفادة من قانون المصالحة. إذ قال: ''تدابير المصالحة لا تفرَق بين جنسيات المساجين، جزائريين كانوا أومن المغرب العربي أومن الساحل أومن أوروبا. فإذا كانوا غير متورطين في جرائم القتل والاغتصاب والتفجير في الأماكن العامة، يفترض أن المصالحة تشملهم''. ويعتقد قسنطيني بأن الحكومة الجزائرية ''تتحاشى الخوض في مسعى كهذا، لأن الأمر سيطبق حتما على رعاياها في سجون البلدان الأجنبية، وسيتدفقون على الجزائر بأعداد كبيرة''. وتفيد تقديرات مصادر قضائية، بأن عدد الأجانب المدانين والموقوفين بسبب تزوير الوثائق والعملات وتجارة المخدرات يعد بالمئات، وينحدر أغلبهم من بلدان جنوب الصحراء ومن المغرب العربي وحتى من أوروبا. أما عدد الضالعين في قضايا الإرهاب فيقدر بحوالي 30 شخصا، حسب نفس المصادر، التي ذكرت بأن 10 ملفات على الأقل تخص هؤلاء، توجد حاليا على مستوى المحكمة العليا بعد أن طعنوا في الأحكام التي صدرت ضدهم. وأكثر المساجين الأجانب شهرة، بحكم تعاطي الإعلام مع قضاياهم، المغاربة شرايبي عقيل وعبد الغني شبة وصلاح الدين لقرين. والموريتاني مختار بن محمود، والماليين عيسى آق بلال وإبراهيم آق الياس وإياد آق ماته. ونادرا ما يتجاوز سن السجين الأجنبي الثلاثين. وتذكر المحامية حسيبة بومرداسي التي تدافع عن بعضهم، أن ''آمالهم كانت كبيرة في الاستفادة من عفو رئاسي بمناسبة الذكرى ال49 لاستقلال الجزائر، بعد أن راجت أخبار تحدثت عن إدراجهم ضمن تدابير عفو ستصدر لفائدة الجزائريين وستشملهم. وكم كانت خيبتهم كبيرة لما استثناهم الإجراء''. في نفس الموضوع، أفاد مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في اتصال به، أن الاستفادة من المصالحة ''ينبغي أن تشمل كل الذين لم يتسببوا في التقتيل، سواء كانوا جزائريين أو أجانب، أقصد بذلك التساوي في الخطيئة بالنسبة للذين خرقوا القانون الجزائري، فلا يجب إذن، مبدئيا، أن يحدث استثناء على أساس الجنسية''. وذكر بوشاشي أن الرابطة ''تتمنى أن تتم استفادة السجين الأجنبي من إجراءات العفو الرئاسي التي تصدر في الأعياد الوطنية والدينية، فأنا لا أفهم تمكين جزائري أدين بتهمة التزوير واستعمال المزور، من عفوفي حين يستثنى منه الأجنبي حكم عليه بسبب نفس التهمة. بل على العكس، ستعطي الدولة صورة جيدة عن رحمة التشريع الجزائري لو توجهت إلى السجين الأجنبي بإجراءات عفو، ورجاؤنا من المجلس الأعلى للقضاء أن يكون الأجانب ضمن اقتراحاته بخصوص العفو في المستقبل''.