أسرّت مصادر حكومية أن الجهاز التنفيذي برئاسة الوزير الأول يحضّر إجراءات يتم بموجبها الإبقاء على حظر استيراد الملابس القديمة ''الشيفون''، وذلك بعدما مرّر البرلمان تعديلا في قانون المالية التكميلي يرخص باستيرادها. وقالت نفس المصادر إن ضغوطا كبيرة مورست على الحكومة من الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين لأجل العودة إلى فرض الحظر على هذا النوع من الملابس المستوردة. أفادت مصادر موثوقة أن الحكومة واجهت ضغوطا كثيرة من عدة جهات بسبب الترخيص مجددا في قانون المالية التكميلي لسنة 2011 لاستيراد الملابس القديمة، بعدما أوقفت في سنة 2009 من قبل السلطات العمومية، لكونها تشكل خطرا على مؤسسات النسيج الوطنية العمومية والخاصة. وقالت نفس المصادر إن قيادة المركزية النقابية التي واجهت غضب 18 ألف عامل يشتغلون في قطاع النسيج تجمّعوا أمام مبنى دار الشعب للتنديد بقرار استيراد ''الشيفون''، قد تدخلت لدى الوزير الأول بكل ثقلها من أجل تجميد الإجراء الذي ترى فيه يهدد بإفشال برنامج إنعاش قطاع النسيج والجلود الذي شرع في تطهير مؤسساته في السنوات الأخيرة. وأشارت مصادر نقابية مطلعة إلى أن مطالبها حظيت ب''القبول والاستحسان'' من قبل الحكومة التي لم تكن تنتظر أصلا رفع الحظر عن استيراد ''ملابس الموتى''، كما يسميها الأمين العام للمركزية النقابية، عبد المجيد سيدي السعيد، على الأقل في هذا التوقيت الذي باشرت فيه مخططا وطنيا لإعادة بعث الإنتاج الوطني في مجال النسيج والجلود. كما تدخلت منظمات الباترونا هي الأخرى لدى الحكومة لإقناعها بعدم تطبيق الإجراء المتخذ من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني، لانعكاساته السلبية على مؤسسات النسيج والجلود للقطاع الخاص الذي يحتاج، كما ذكروا، إلى الإسراع في تنفيذ مخطط إعادة تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حتى تكون في نفس مستوى تنافسية نظيراتها الأجنبية، وليس إلى العودة لاستيراد ''الشيفون''. من جانبه لم يخف عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، أمام أنظار الوزير الأول، في ختام الدورة الربيعية للبرلمان، معارضته لمسألة استيراد ''الشيفون'' من خلال تأكيده: ''كثيرا ما وُضع مجلس الأمة أمام خيارات صعبة، يكون فيها مخيّرا بين أن يكتفي أعضاؤه، من خلال لجانه، برفع توصية إلى الحكومة حول جانب الخلل المسجّل، فيقترحون بموجبها تدارك النقص الموجود في النص، من خلال دعوة الحكومة لاتخاذ إجراءات تنظيمية''، وهي إشارة واضحة إلى موقف غالبية ''السيناتورات'' الرافض، للمادة التي ترخص باستيراد ''الشيفون'' في قانون المالية التكميلي، وهي دعوة صريحة منه إلى حكومة أويحيى بضرورة معالجة هذه المسألة في أقرب الآجال. وضمن هذا المسعى تضع وزارة المالية آخر الترتيبات حول مشروع قانون المالية لسنة 2012 الذي سيعرض في اجتماع للحكومة، بداية شهر أوت المقبل، أي بمجرد عودة أعضاء الفريق الحكومي من العطلة، والذي سيبحث قضية استيراد الملابس المستعملة، وأفضل السبل لإقناع الهيئة التشريعية للتعاطي معها بالشكل الذي يحمي الصناعة النسيجية الوطنية. ولا تستبعد مصادر حكومية أن يتم العودة إلى حظرها في قانون المالية العادي أو التكميلي المقبل، بعدما أثارت هذه القضية حالة من الغضب لدى أطراف الثلاثية الذين سيطرحونها من دون شك في اجتماعهم لشهر سبتمبر المقبل، من باب مواصلة ضغوطهم لإقامة الحظر عليها.