كان العالم يستعد لتخليد الذكرى العاشرة لتفجيرات منهاتن التي ضربت برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك في 11 سبتمبر ,2001 الذي تلته حملة مركزة استهدفت الإسلام والمسلمين، بوصفهم، حسب ادعاءات الغرب، متطرفين وإرهابيين بالضرورة وفي المطلق، عندما خرج نرويجي ينتمي إلى التيار اليميني المسيحي المتطرف ليوقع مجزرة رهيبة راح ضحيتها ما لا يقل عن 100 بريء في العاصمة أوسلو، ليعيد العالم اكتشاف حقيقة غيبت عنه سنوات طويلة، مفادها أن الإرهاب والتطرف ليسا مرادفين لدين أو عرق بعينه، وبأن الكثير من الأفكار والمعتقدات المنتشرة في كل بقاع الأرض يمكنها أن تشكل خطرا على البشرية في أي مكان وفي أي وقت. مجزرة النرويج أسقطت عنه آخر أوراق التوت اليمين المتطرف ينافس ''القاعدة'' في ترهيب العالم
سارعت وسائل إعلامية غربية إلى وضع تنظيم ''القاعدة'' الإرهابي والمتطرفين الإسلامويين على رأس قائمة المتهمين بتنفيذ مجزرة أوسلو، ليظهر بعدها بأن العملية كان وراءها نرويجي يحمل أفكارا ومعتقدات اليمين المتطرف الداعي لمحاربة الإسلام والمسلمين وطردهم من القارة العجوز، ليوقظ أوروبا ومعها العالم وكل أصحاب نظرية ربط الإسلام بالإرهاب على حقيقة أن الخطر الأصولي قد ينبع من الفكر العنصري اليميني الغربي الرافض لكل ما هو خارج عن دائرة معتقداته وثقافته ولونه. ويعرف اليمين المتطرف في الاصطلاح السياسي بجماعات تدعو إلى التدخل القسري واستخدام العنف واستعمال السلاح لفرض التقاليد والقيم، لكن الأحزاب السياسية التي تحمل أفكار اليمين المتطرف تقدم نفسها على أنها تدعو إلى فرض التقاليد والقيم دون اللجوء إلى العنف، بالرغم من أن عقيدتها ومواقفها وردود فعلها كانت دائما متطرفة وأرضية خصبة للأفكار المتشددة، دفعت من يحملون ويؤمنون بها إلى ارتكاب أعمال لا يمكن وصفها إلا بالإرهابية من أجل تخليص مجتمعاتهم من ''المظاهر الغريبة'' التي جلبها إليهم ''المسلمون والسود''. هذه الأفكار التي أصبحت تعرف رواجا داخل المجتمعات الأوروبية واتسعت دائرة معتنقيها، خاصة في أوساط الشباب، صارت تشكل خطرا على الجاليات المسلمة بشكل رئيسي. أما الذي عاشته النرويج أخيرا فجاء ليثبت بأن هذه الأفكار والمعتقدات اليمينية المتطرفة أضحت خطرا حقيقيا على الأمن والسلم الدوليين، شأنها في ذلك شأن تنظيم القاعدة وكل التنظيمات والجماعات الإرهابية الأخرى عبر العالم. وتفاعلت قيادات الدول الكبرى مع هذا المنعرج المفصلي في تعامل العالم مع المعطى الأمني، فقد كشف رئيس الوزراء البريطاني، وليام هيغ، بعد الاعتداء الإرهابي في النرويج، بأن ''المملكة المتحدة تعتبر بوضوح في استراتيجيتها الخاصة بمكافحة الإرهاب أن القاعدة لا تمثل التهديد الوحيد الذي يمكن أن تواجهه البلاد''. كما لقي الهجوم تنديدا من قبل قيادات إسلامية في الدول الأسكندنافية، حيث اعتبر الشيخ حسان موسى، نائب رئيس مجلس الإفتاء السويدي، في تصريح ل''الخبر''، عقب مجزرة أوسلو، أن ''ثقافة الكراهية والإرهاب الأعمى لا تعرف دينا ولا وطنا، وأحداث النرويج خير دليل على ذلك''، مشيرا إلى أن خطر اليمين المتطرف ''أخطر من ثقافة وأفعال تنظيم القاعدة على المدى البعيد''. إن العالم اليوم مع بداية العشرية الثانية من القرن الجديد أصبح يواجه خطرا إرهابيا مصدره ليس الجماعات الإسلامية المتشددة، وعلى رأسها القاعدة، فحسب، بل أيضا تنظيمات وجماعات نفخت في روحها الأفكار العنصرية التي تعتمد في خطاباتها على العرق والثقافة وحتى الدين، وتشكل حاليا خطرا محدقا بالدول التي اعتمدت في استراتيجياتها وعقيدتها على زرع عدو وهمي اسمه الدين الإسلامي والمسلمين.
الغرب يكتشف حجم الخطر والكارثة أحزاب اليمين المتطرف.. نار وقودها المهاجرون
خلال ثلاث سنوات فقط تمكنت أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا من تأجيج العداء ضد كل ما هو أجنبي، خصوصا العرب والمسلمين، فقد أعلنت أحزاب من اليمين المتطرف من دول أوروبية في مدينة أنفير البلجيكية، سنة ,2008 تأسيس منظمة جديدة تهدف إلى مكافحة ما أسمته ب''الأسلمة'' في أوروبا. وتأتي تفجيرات أوسلو الأخيرة على يد شاب مسيحي ينتمي لهذا التيار المتطرف لتكشف حجم الأزمة التي أوصل إليها المتطرفون اليمينيون المجتمعات الغربية. تاريخيا، فإن من أبرز أسباب تنامي الفكر اليميني المسيحي المتطرف في العقدين الأخيرين هو انهيار الاتحاد السوفياتي، فظهرت من صلبه مجموعة من الدويلات التفتت إلى أصولها العرقية، وأيضا اندماج الدول الأوروبية في الاتحاد الأوروبي. وهذا الأمر أشعل اهتمام الأوروبيين بأصولهم القومية كل دولة على حدة، كما أن انتشار البطالة في أوروبا والركود الاقتصادي الذي تعرفه بين الفينة والأخرى، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية، جعلت الأوروبيين ينظرون بعين الريبة إلى الأجانب الذين يرون فيهم مزاحمين لهم على الوظائف وخاصة المسلمين منهم. وانطلاقا من هذه الظروف، ظهرت دعوات إلى كبح جماح الهجرة والتضييق على المهاجرين، بل أصبحت ردود الفعل العدائية تجاه العرب برنامجا انتخابيا لدى بعض الأحزاب اليمينية الأوروبية. ويبرز في واجهة هذه الأحزاب، حزب الجبهة الوطنية في فرنسا الذي تقوده مارين لوبان، ابنة جون ماري لوبان، الذي انفرد بقيادة المنظمات المعادية للأجانب، خصوصا العرب المهاجرين من الجزائر وتونس والمغرب، وقد انضم لوبان إلى لواء اليمين المتطرف أو ما يعرف بخلايا النازيين الجدد، وقد تبنوا عمليات تدنيس قبور الجالية المسلمة في فرنسا سنتي 2009 و.2010 كما يبرز أيضا حزب ''الحرية'' في هولندا الذي يقوده النائب في البرلمان الهولندي، خيرت فيلدرز، صاحب أزمة حرق المصاحف التي نتجت عن شريط محرض ضد الإسلام والمسلمين. والغريب أن فيلدرز ملحد، لكنه يعتز بالتاريخ المسيحي اليهودي الذي بني عليه المجتمع الأوروبي. وفي إيطاليا ورث اليمين المتطرف نظريات الفاشيين القدامى بزعامة موسوليني في إيطاليا، وحاليا لا يوجد حضور قوي للأحزاب اليمينية المتطرفة في الساحة السياسية الإيطالية. أما في ألمانيا، مهد النازية، فينتشر أيضا أتباع اليمين المتطرف في جماعات الضغط القوية، وشهدت البلاد في العامين الماضيين حادثة مقتل مغتربة مصرية تدعى مروة الشربيني على يد يميني متطرف. وخارج أسوار القارة الأوروبية، يرتع اليمين المتطرف في الولاياتالمتحدة، لكنه يظهر بشكل لافت للانتباه في إسرائيل، حيث توجد قوى شعبية وأحزاب تدعو صراحة إلى عدم التسامح مع العرب والمسلمين، بل تدعو إلى قتلهم. وبرز جليا ذلك في الحرب على غزة في العام ,2006 حيث بارك حاخامات اليمين المتطرف الصهيوني هذه الحرب.
تجنب وصف منفذ مجزرة أوسلو ب''الإرهابي'' الإعلام الغربي ساهم في نشر الإسلاموفوبيا والفكر المتطرف
سارعت وسائل الإعلام الغربية إلى توجيه التهمة لإرهابي مسلم بأنه يكون وراء العمل الإرهابي العنيف، الذي استهدف وسط العاصمة النرويجية أوسلو ومخيما في جزيرة أوتويا، الجمعة الماضية، وبثت القنوات التلفزيونية في الساعات الأولى للحادثة أخبارا متضاربة عن هوية منفذ التفجيرات، وساد الانطباع عالميا بأنه تفجير آخر من توقيع تنظيم القاعدة ولم لا يكون انتقاما لمقتل أسامة بن لادن. لكن المفاجأة ظهرت عندما تم الكشف في اليوم نفسه أن منفذ التفجيرات ليس مسلما ولا مغتربا وإنما شاب نرويجي وأكثر من ذلك هو أشقر مسيحي متطرف. في هذا المستوى، وقف خبراء ومحللون غربيون على مدى الخطأ الكبير الذي وقعت فيه وسائل الإعلام الغربية في سرعة توجيه التهمة للمسلمين، منهم المحلل الألماني فيليكس شتاينر الذي كتب يقول معلقا على الأمر: ''قبل أن يحسم أن الجاني نرويجي، ظن كثيرون في ألمانيا أن متطرفين مسلمين يقفون وراء الهجوم، كتنظيم القاعدة مثلا. وقد ثبت أن هذا الاعتقاد خاطئ. لكن لماذا اعتقد الناس ذلك في البداية وكيف أخطأوا التقدير إلى هذا الحد؟''. وحمّل محمد الحمدان، رئيس المجلس الإسلامي النرويجي سابقا، في تصريح سابق ل''الخبر''، المسؤولية للإعلام في الغرب، من خلال تحالفه مع اليمين المتطرف بالنرويج لإضمار العداء للإسلام والمسلمين وصناعة عدو غير حقيقي للمجتمعات الغربية، مؤكدا أن هذا ''الإعلام يتحمّل المسؤولية عمّا يحدث اليوم وما حدث سابقا وما سيحدث لاحقا، تحت غطاء محاربة الإسلاموفوبيا''. وبسبب الأجندات الإخبارية التي تسير كبريات المؤسسات الإعلامية في الغرب، لم يتم استعمال لفظة ''إرهابي'' على منفذ تفجيرات أوسلو، بل هناك من ذهب إلى محاولة تبرير فعلته بعدائه للإسلام والمسلمين. أستاذ التاريخ وخبير شؤون اليمين المتطرف نيكولا لوبورغ، ل''الخبر'' خطر اليمين المتطرف في اعتماده أيديولوجية الحرب الشاملة
يعتبر دكتور التاريخ والباحث المختص في اليمين المتطرف بجامعة باربينيون الفرنسية، أن خطر اليمين المتطرف يكمن أساسا في تبنيه لأيديولوجية استعداء الجميع والحرب الشاملة، جاعلا نفسه القوة الضاربة لمقاومة أوروبا احتلال القارة وتحطيم الهوية الوطنية.
كيف تقرأون بروز اليمين المتطرف في أوروباو تداعياته؟ اليمين المتطرف كان هامشيا وغير بارز على مستوى الفضاء العمومي إلى غاية سنوات السبعينات، حيث أنهم فقدوا أي قيمة على المستوى الأيديولوجي ولم يصبحوا نقطة جذب واهتمام أو تجنيد بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في ,1945 كانوا عبارة عن مجموعات صغيرة لا تحظى بمصداقية كبيرة مقارنة باليمين التقليدي في مواجهة الشيوعية. ولكن وجدت هذه المجموعات مجالا خصبا للنمو من خلال تطوير خطاب ينتقد بشدة العلاقة الموجودة بين الهجرة وارتفاع البطالة، وبالتالي جاء توجه اليمين المتطرف نحو خطاب جديدة ذات بعد اجتماعي بدلا من التركيز على خطاب عنصري صرف، ابتداء من نهاية التسعينات. وكما بينه الخبير في العلوم السياسية، جون إيف كامو، برز نوع جديد وجيل جديد من اليمين المتطرف، خاصة في شمال أوروبا. وهذه الفئة تدافع عن النموذج الليبرالي، خاصة من الناحية الاقتصادية، كما تدافع عن قضايا الحريات الفردية مثل المرأة وحقوق المثليين، ولكنها أيضا تركز على المسائل التي يتم من خلالها الخلط بين الإسلام والتيارات الإسلامية والسكان من ذوي الأصول المهاجرة. كيف يمكن تفسير ما حصل في أوسلو والمجزرة المرتكبة، وهل يمكن توقع عمليات مماثلة؟ إن الانتشار المكثف لأيديولوجية تجنيدية، أي تقوم على التجنيد وتقديم فلسفة خاصة عبر بيان ''أندارس بيرينغ بريفيك''، الذي يعد أساس المبادئ المرتكز عليها من قبل تيارات اليمين المتطرف، تفسر ذلك. فهذه الأخيرة تضع نفسها أو تقدم نفسها كقوة ضاربة ل''مقاومة'' أوروبية في مواجهة استعمار القارة وتحطيم الهوية الوطنية. وهذه المبادئ والشعارات تمنح شعورا بتبني هذه ''الأسطورة'' التي يمكن أن تصبح عامل تجنيد قويا، تضاف إليها أوهام عن نهاية العالم التي تغذي سلوكيات ومواقف تختصر عبر مفهوم ''الحرب المقدسة''، وبالتالي يصبح انتشار ''الفوبيا من الإسلام'' قائما ويعمل بنفس مبدأ التيارات الإسلامية المتطرفة، أي اعتماد مبدأ ''استعداء الجميع، أي الجميع أعداء والحرب الشاملة''. من أين يستلهم أصحاب اليمين المتطرف قوتهم وكيف أضحوا فاعلين سياسيين بارزين، وهل يمكن أن يصلوا إلى هرم السلطة في العديد من البلدان في أوروبا؟ منذ سنوات السبعينات بدأ اليمين الأوروبي تدريجيا، لا سيما في الدول ذات الأنظمة البرلمانية، يقترب من نفس النموذج الأيديولوجي لليمين الليبرالي الأمريكي. وبعد انهيار حائط برلين في 1989 فقدوا أهم عدو لهم أي الشيوعية التي كانت تمثل البوصلة والاتجاه بالنسبة إليهم. وعليه بات الهدف الرئيسي في سياساتهم هو تفكيك الدولة الاجتماعية وتفعيل الدولة القصرية العقابية. ولكن هذا النموذج الذي أضحى مهيمنا ثقافيا خلال سنوات عديدة لم يعد مفيدا ونافعا، خاصة منذ أزمة .2008 وبعد قطع أواصر العلاقة والروابط مع الفروع الشمولية والتسلطية، حاول اليمين المتطرف الجديد تقديم عرض سياسي أكثر إقناعا وإغراء، يكون فيه التمييز الإثني والثقافي وتخصيص مناصب الشغل للسكان المحليين فقط هو القاعدة لضمان الحفاظ على الهوية والنماذج الثقافية والاجتماعية. ماذا عن الولاياتالمتحدة حيث تنشط عدة مجموعات وعرفت عملية مماثلة في أوكلاهوما ؟ في الولاياتالمتحدة ورغم العملية الدموية في أوكلاهوما سيتي، التي خلفت في العام ,1995 ما لا يقل عن 168 قتيل، لم ينجح اليمين المتطرف في احتلال حيز ومساحة اجتماعية كبيرة. ولكن نلاحظ بالمقابل تطرفا كبيرا في الجناح اليميني للحزب الجمهوري وانتشار الظاهرة الشعوبية فيما يعرف ب''تي بارتي'' والذي يماثل نوعا ما الأحزاب الشعبوية المنتشرة في أوروبا. ما وجه العلاقة بين الخوف من الإسلام وانتشار الخطاب العنصري وكراهية الأجانب ؟ الخطاب المرتبط بالخوف من الإسلام أو فوبيا الإسلام يسمح بأن يبرز اليمين المتطرف لا كتيار متصل بالقرن العشرين، ولكن كامتداد وكمنحدر من مقاومة الفاشي، مع تطوير المواضيع والخطابات المتصلة بما يعرف ب''الفاشية الإسلامية'' التي يتم نشرها حتى من قبل تيارات سياسية، ولذلك يتم دائما عقلنة وشرعنة الدوافع العنصرية. فما يتم إبرازه هو التنديد بأسلمة أوروبا، ولكن ما وراءه لا يتعلق حقيقة بالإسلام، ولكن بواقع تفكك مجتمعاتنا اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا. وندرك أن التحدي الذي تواجهه المجتمعات الأوروبية هو كيفية التوصل إلى الحد من تسلل التيارات الإسلامية الجهادية دون تغذية روح تقييد الحريات أو إثارة نعرات وحشية بالمقابل.
بات النرويجيون متأكدين الآن، كما فعل أيضا أقرانهم الأمريكيون في العام ,1995 بأن المسلمين أبرياء وأن الذي قام بالهجوم هو شاب أبيض مسيحي نرويجي يبلغ من العمر 32 عاما، اسمه أندرس بيرينغ بريفيك، وتبين أنه كثيرا ما كان يهاجم في السابق سياسة التعددية الثقافية التي تتبعها بلاده. الإرهابي الأشقر، حسب ما كتبت صحيفة نرويجية، كان قد اشترى في الآونة الأخيرة كمية كبيرة من السماد الذي يمكن تحويله إلى متفجرات، وهو ما يشبه تماما ما فعله مفجر قنابل أوكلاهوما ''تيموثي مكفاي'' في العام .1995 ووفقا لكتابات على الأنترنت دونها بنفسه، كان بريفيك يعيش على هامش التيار اليميني النرويجي المتطرف، الذي شهد أفولا متواصلا خلال العقد الأخير. وتشجب تلك المدونات الساسة النرويجيين بشكل عام، وتتهمهم بخيانة الأمة، ولكنها لا تكشف عن أي ميول للعنف. الإرهابي الأشقر كان قد وزع منشورا على الأنترنت يتضمن لهجة عنيفة مناهضة للإسلام، يقع في 1500 صفحة، وذلك يوم الجمعة، أي قبل ساعات من وقوع الهجومين. ويتضمن المنشور وصفا لمخططات وكيفية صنع المتفجرات وفلسفة عنيفة. ويرى بريفيك أن أوروبا ستشهد، في العام ,2083 حربا أهلية شاملة سيباد فيها الماركسيون ودعاة التعددية الثقافية، وسيتم طرد المسلمين من القارة الأوروبية. وحسب نظريته، فإن الحرب ستجري على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى ستستمر حتى سنوات الثلاثين، وهي عبارة عن حرب تشنها خلايا عسكرية سرية وتعزيز القوى المحافظة، وفي المرحلة الثانية المستمرة من العام 2030 حتى 2070 ستشهد مقاومة مسلحة تمهيدية لانقلابات أوروبية، وفي المرحلة الثالثة والأخيرة ستتم الإطاحة بكافة القادة الأوروبيين لتسيطر على أوروبا ''أجندة سياسية محافظة''.
أستاذ العلوم السياسية جون إيف كامو ل''الخبر'' ''اليمينيون المتطرفون يعتبرون السلاح أفضل وسيلة لمواجهة الهجرة والإسلام''
يشير دكتور العلوم السياسية والباحث بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، جون إيف كامو، إلى أن أحزاب اليمين المتطرف قوية في الدول الأسكندنافية عموما، وأنها تطور خطابا مناوئا للإسلام والهجرة والتنوع الثقافي، ويرى بعض منتسبيها بأن السلاح هو الوسيلة المثلى لبلوغ أهدافهم. ويرى أحد أهم المتتبعين لليمين المتطرف في أوروبا أن ''أحزاب اليمين المتطرف في الدول الأسكندنافية قوية ولها وعاء انتخابي كبير. حيث تحصل حزب التقدم على نسبة 9,22 بالمائة من الأصوات في تشريعيات ,2009 ما جعله أول قوة سياسية معارضة في النرويج، أما حزب الشعب الدنماركي فقد حصل على 8,13 بالمائة ويعتبر ثالث حزب ممثل في البرلمان، والحزب الديمقراطي السويدي المرتبط باليمين المتطرف الراديكالي تحصل على نسبة 7,5 بالمائة من الأصوات في تشريعيات .2010 أما في فلندا، فقد حصل حزب ''الفينوا الحقيقيون'' على نسبة 1,19 بالمائة في انتخابات أفريل الماضي، وهي نسبة مضاعفة بأربع مرات مقارنة بتلك المحققة في ,2007 وبالتالي فإنها قوى سياسية يجب أن توضع في الحسبان. ويمثل هذا الأمر مشكلا حقيقيا لليمين المحافظ على غرار ما حدث في النمسا مع حزب الحرية ليورغ هايدر، حيث توجد هذه القوى أمام إشكال يتمثل في سؤال هل يجب إدماج وضم هذه الأحزاب ضمن حكومة ائتلافية أم لا؟ وهذا السؤال طرح مرارا في النرويج وعارضه الحزب الاجتماعي الديمقراطي، وفي الدنمارك لا يشارك حزب الشعب في الحكومة ولكن يدعمها ويمتلك مقاعد كافية في البرلمان لكي يحدث أزمة داخل الحكومة، وبالتالي فهم يساومون دعمهم. وفي فنلندا سعى المحافظون لإقامة تحالف مع اليمين المتطرف، ولكن المفاوضات فشلت''. ويعتبر الدكتور كامو ''هذه الأحزاب معارضة بشدة لمبدأ التنوع الثقافي وللهجرة وللإسلام، ولكنها تنشط بصورة شرعية وقانونية وتشارك في الانتخابات، ولكن مع ذلك هنالك من منتسبيها من يعتبر بأنهم لم يذهبوا بعيدا في الدفاع عن مبادئهم وأن السلاح هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهدافهم وغاياتهم، وهذا ما حدث بالفعل في النرويج مع ''بريفيك'' الذي ارتكب المجزرة في أوسلو. وهذا الأمر يمكن أن يحدث في مناطق في أوروبا''. أما في الولاياتالمتحدة، فإن الحصار والرقابة أشد على التيارات اليمينية المتطرفة لإدراك الأمن بأن هذه المجموعات، بعد عملية أوكلاهوما، خطيرة وتمتلك القدرة على القيام بعمليات مسلحة إرهابية، حيث أضحى الخطاب المناوئ للمهاجرين وللإسلام خاصة بعد أحداث سبتمبر 2001 منتشرا بكثرة لدى اليمين المتطرف. وخلص الخبير إلى التأكيد، حول وجود علاقة بين الأزمات الاقتصادية والسياسية وصعود اليمين المتطرف، بأن الدول التي مستها الظاهرة غنية مثل النرويج والدنمارك وسويسرا ومقاطعة الفلاندر ببلجيكا، بينما دول تواجه الأزمة مثل إسبانيا والبرتغال وإيرلندا لم يتطور فيها هذا التيار. ويلاحظ أن الخطاب المناوئ للإسلام غير منتشر كثيرا في هذه البلدان، والحالة الوحيدة نسبيا هي فرنسا التي تعيش أزمة.