يخيّم الهدوء الحذر على منطقة غدامس الليبية بعد يومين من الاشتباكات المسلحة بين التوارق القاطنين بالمدينة وقوات المعارضة المسلحة، على خلفية شن هذه الأخيرة، فور سيطرتها على المنطقة، قبل أيام، حربا وصفها هؤلاء السكان ب''الانتقامية'' على الموالين للقذافي، أفضت إلى مقتل 14 شخصا من بينهم عقيد متقاعد في الشرطة يدعى ''فقي عثمان''، وإصابة ما لا يقل عن 23 آخرين من كلا الجانبين بجروح متفاوتة، من بينهم 9 في حالة خطيرة بعد تعرضهم لطلقات نارية. وانتشرت، مساء أمس، قوات المعارضة وسط شوارع وأزقة القرية المتاخمة للحدود الجزائرية والتي يقطنها خليط من التوارق الليبيين من قبائل إفوغاس وأجرمنا والشعاوى وكذا قبيلة الغدامسية، في تعايش سلمي منذ إنشاء المنطقة المعروفة بهدوئها، والتي تدهورت الأوضاع الأمنية بها مباشرة عقب سقوط نظام القذافي. ولم يكن الهدوء الحذر الذي شهدته المدينة خلال الفترة الأخيرة إلا مقدمة لحالة الفوضى التي سادت فيما بعد. وأفادت المعلومات الواردة من غدامس أن الأوضاع مستقرة والشارع شبه خال إلا من قوات المعارضة المسلحة التي زرعت الرعب في أوساط المواطنين بالاعتداءات والاعتقال، وتتواجد بكثافة على أطراف الشارع لرصد أي تحرك، وتقوم بتفتيش المارة وأغلبهم من التوارف، ومنعها لأي تجمع مهما كان نوعه رغم بعض التجمعات المتفرقة التي كان بعض الشباب يقيمها في أحياء متفرقة من المدينة. وعلى صعيد آخر ما تزال نقاط العبور إلى الأراضي الجزائرية في كل من الدبداب وتين ألكوم بولاية إليزي، مغلقة أمام الفارين من الأوضاع الأمنية المتدهورة بالمدن الليبية، إلا حالات الضرورة، بقرار من السلطات العليا في البلاد، حسب ما أكدته مصادر رسمية ل''الخبر''. وفي السياق ذاته، فتح أهالي الدبداب بيوتهم على مصراعيها لاحتضان العائلات الليبية الفارة من اعتداءات قوات المعارضة المسلحة التي شرعت في تصفية من تصفهم بأنصار القذافي والدخلاء على المنطقة، حيث تم، خلال اليومين الماضيين، بمعبر الدبداب الحدودي استقبال أزيد من 420 عائلة قدمت من مدينة غدامس ووجدوا الأهالي في استقبالهم بالأطعمة والأغطية وغيرها. كما أبدت الكثير من العائلات الجزائرية بالمناطق الحدودية التي تربط الجزائر بليبيا استعدادا كبيرا لاستقبال العائلات الليبية في حال تم تسجيل عمليات نزوح لمواطنين ليبيين إلى التراب الجزائري، والتكفل بهم تكفلا تاما إلى غاية استتباب الوضع الأمني بليبيا.