رغم أنه يتخطى اليوم عتبة ال77 من العمر، إلا أنه لايزال يتذكر الزمن الجميل للحلاقة الجزائرية عندما كانت تنافس الحلاقة الأوروبية الرائدة، كما لاتزال ذاكرته تعيد مشاهد تتويج الحلاقين الجزائريين بالميداليات الذهبية والبرونزية والكؤوس المثمنة لمسيرة من الجد والمثابرة. هو الحلاق زايد فناش أو عمي ''الزاهي''، كما يطلق عليه، من مواليد 1934، ابن قسنطينة المدلل الذي ورث المهنة عن والده وهو لم يتعد 17 سنة، قبل أن يتنقل إلى العاصمة ويصبح أحد أشهر الحلاقين بها، حيث يملك اليوم صالونا لحلاقة الرجال بحي ''ميسوني''. يقول عمي الزاهي إنه توقف عن العمل منذ الثمانينيات والآن يدير محله حلاقون أكفاء تدربوا على يده، فرغم تتويجاته وشهادات التكريم المعلقة بمحله، إلا أن ذلك لم يمنعه من التحسر طيلة الدردشة التي جمعتنا به على زمن مضى ولم يبق منه سوى الذكريات، لأن الحلاقين الحاليين، حسبه، لم ينجحوا في إعادة الحلاقة الجزائرية إلى المصاف الدولية، والدليل غيابهم عن المسابقة العالمية طيلة 13 سنة، بعد أن كان يحسب ألف حساب للوفد الجزائري لأنه منافس قوي لإبداعه في الحلاقة والتصفيف، اللتين أبهرتا أشهر الحلاقين العالميين. يواصل عمي الزاهي الحديث وهو يتكلم بلهجة حزينة ''قديما كان الزبون عندما يخرج من صالون الحلاقة لا يصدق شكله الجديد بعد الحلاقة ويبقى لمدة وهو منبهر، بعد أن يتلقى اهتماما كبيرا من حلاقه، عكس المعمول به اليوم سواء من حيث المعاملة أو طريقة العمل حيث لا يعرف عدد كبير منهم حتى كيفية حمل المقص والمشط''، في حين ''كنا نحن في كل شهر نبدع شكلا جديدا'' ويعامل الزبون كأنه في منزله، حتى اكتسبنا محبة الناس بمن فيهم الشخصيات الوطنية التي كان أحد حلاقيها منها المرحوم محمد شريف مساعدية''. عمي الزاهي اليوم يحلم برفرفة العلم الجزائري من جديد في بلدان العالم والخروج للاحتفال بنجاح الحلاق الجزائري كأحسن حلاقي العالم، تحدوا يهود تونس عندما نعتوهم ذات يوم بالقول ''جاو لي يحفو بصلة''، في إشارة منهم لفشلهم في المهمة قبل أن يصبحوا مصدر خوف وقلق لهم.