يعتقد عدد من الناشرين الجزائريين أن دور النشر المحلية غير قادرة على خلق تقليد الدخول الأدبي، نظرا لغياب تقاليد النشر والمقروئية بشكل واسع. كما أدى غياب الجوائز الأدبية إلى بروز فتور يصاحب نشر الأعمال، حيث أضحى الوضع العام لا يشجع على لفت انتباه القارئ، باستثناء المذكرات التي ينشرها الفاعلون التاريخيون. قال بوبكر زمال، مدير منشورات ''البيت''، في تصريح ل''الخبر''، إن غياب الاهتمام بنشر الكتاب الأدبي الذي يعتبر الفاعل الرئيس لما يسمى بالدخول الأدبي، هو الذي يحول دون انتشار هذا التقليد الثقافي. كل محاولات خلق دخول أدبي في السنوات الأخيرة باءت بالفشل اعتبر الروائي محمد ساري أن كل محاولات خلق دخول أدبي في السنوات الأخيرة باءت بالفشل، موضحا أن ''الناشرين في الجزائر لا يهتمون بالأدب، ولا ينتظرون سوى دعم الوزارة لإصدار بعض الروايات القليلة التي لا يروّج لها ولا لكاتبها''. وأضاف ساري: ''يعرف سوق الكتاب هذا العام أسوأ أيامه. فمنذ قيام الثورات العربية، تراجعت المقروئية بشكل فظيع، حسب اعتراف عدد من الناشرين. الثورات العربية قتلت الكتاب. وأصبح اهتمام الناس ينحصر على القنوات التلفزيونية لتتبع الأحداث الآنية''. وعن سؤال إن كان الصالون الدولي للكتاب الذي تنطلق فعالياته يوم 21 سبتمبر الجاري بالمركب الرياضي محمد بوضياف بالجزائر العاصمة، يعمل في صالح الدخول الأدبي، أوضح ساري: ''المعرض لا يعتمد على الكتاب المحلي، بل على الكتاب العربي والمستورد. وبالتالي، لا يسمح ببروز ظاهرة الدخول الأدبي بالشكل الذي نتمناه نحن ككتّاب''. واعتبر سفيان حجاج، من جهته، أن فرنسا هي البلد الوحيد الذي يسير وفق تقليد الدخول الأدبي، نظرا لترسخ تقاليد المقروئية، ووجود كمّ هائل من دور النشر تعمل وفق أجندة منظمة، إضافة إلى عدد من الجوائز الأدبية التي تسلم ابتداء من شهر نوفمبر. وأوضح حجاج في تصريح ل''الخبر''، أن ''النشر في فرنسا ينصب في هذا الاتجاه، أي من أجل تلقف الجوائز الأدبية، وهو ما لا تعرفه الجزائر حاليا''. وعبّر الروائي الحبيب السايح عن استيائه، وقال بخصوص الدخول الأدبي: ''عن أي دخول أدبي يمكن أن نتحدث، في أي بلد؟ بأي الأعمال التي تعرفها سوق الكتاب؟ وبأي الجوائز التقديرية التي تعبّر حقيقة عن الدرجة التي بلغتها الكتابة الأدبية، الروائية منها خاصة، إذا كانت القصّة القصيرة صارت يتيمة دهرها وصار الشعر من كماليات القراءة؟''. ومن جهته، قال بوبكر زمال إن الناشر الجزائري لا يعطي لنفسه في الغالب عناء اكتشاف المواهب الأدبية والاستثمار في مؤلفاتها بشكل مهني وأكثر احترافية، أي بدفع نفقات الإشهار وتوجيه دعوات للكتّاب لتنشيط الندوات الأدبية، وتنظيم لقاءات صحفية معه. دور النشر الجزائرية تعطي الأولوية لكتب التاريخ والسياسة، وليس للأدب والملاحظ أن دور النشر الجزائرية هذا العام ستعطي الأولوية، كالعادة، لكتب التاريخ والسياسة، وليس للأدب. وتعوّل منشورات ''القصبة'' على مذكرات الرئيس الأسبق الشادلي بن جديد، وعلى مذكرات السفير الأسبق محمد الميلي، إضافة إلى نشر كتاب لرئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق كريم يونس بعنوان ''نظرة على الجزائر''. أما منشورات ''الشهاب''، فتعوّل على إعادة نشر ثلاثية الشمال لمحمد ديب، وهي ''سطوح أورسول''، ''إغفاءة حواء'' و''ثلوج المرمر''. على أن تصدر ترجمتها العربية كاملة السنة القادمة، وهي من إنجاز الروائي محمد ساري. إضافة إلى كتاب عبد الناصر جابي الذي يصدر بعنوان ''النخبة الوزارية الجزائرية.. أصول ومسارات''. وبينما لا تعوّل منشورات ''البرزخ'' على أي عنوان جديد خلال هذا الصالون خلافا للسنوات السابقة، قرّرت منشورات ''البيت'' نشر رواية الشاعر رابح ظريف بعنوان ''قديشة''، ورواية أخرى لنسيمة بولوفة بعنوان ''الهدية اللذيذة''. وتبقى منشورات ''الاختلاف'' هي صاحبة المبادرة الأكبر هذا العام، حيث قرّرت نشر أكثر من ثلاثين عنوانا أدبيا وفكريا، منها الرواية الجديدة لسمير قاسيمي بعنوان ''في عشق امرأة عاقر''. إضافة إلى عناوين صدرت خلال فصل الصيف، على غرار الترجمة العربية لرواية ''نجمة تائهة'' لجان ماري غوستاف لوكليزيو، والتي أنجزها الأستاذ سعيد بوطاجين. ومن بين أهم الكتب الفكرية التي تصدر هذه الأيام عن ''دار هومة'' بالتزامن مع الصالون الدولي، كتاب لمصطفى هميسي بعنوان ''كيف تحكم الجزائر''. إضافة إلى رواية جديدة لرابح بوكريش بعنوان ''ارحل يا...''، وكتاب لإبراهيم مياسي بعنوان ''روح الأمير عبد القادر''.