وسط مركّب محمّد بوضياف الأولمبي بالعاصمة، انتصبت ''الخيمة'' للسنة الثالثة على التوالي.. ساعات فقط، تفصلنا عن موعد انطلاق الدورة السادسة عشر لصالون الجزائر الدولي للكتاب، لكن التحضيرات لا ازل جارية. الخيمة التي كانت محور جدل كبير في سنتها الأولى، لم تعد تثير الجدل ذاته، بل امتدّت إلى مساحات جديدة لاستيعاب ناشرين وقرّاء جدد. وقفت ''الخبر'' على اللمسات الأخيرة لموقع الصالون الدولي للكتاب، في دورتها السادسة عشر، التي ستحتضنها الجزائر على مدار عشرة أيام، ابتداء من يوم غد، حيث الأشغال التي انطلقت منذ آخر يوم من شهر رمضان، تجري على قدم وساق. المكان عبارة عن ورشة مفتوحة تدبّ فيها الحركة: عمّال يرفعون الأعمدة وآخرون ينصبون المبرّدات الكهربائية أو يطلون بعض الواجهات، وآخرون منشغلون بإنزال علب الكتب من الشاحنات وإيصالها إلى أماكن العرض. وحسب أمزيان الذي كان يتصبّب عرقا حين التقينا به، فإن 90 بالمائة من الكتب دخلت أجنحتها، وذلك قبل ثلاثة أيام من الانطلاق الرسمي للتظاهرة، وهو ما لم يحدث سابقا، حسب قوله، مؤكّدا أن الاتصال بالناشرين العرب والأجانب بدأ منذ بداية السنة، بينما حُدّد شهر ماي كآخر أجل لاستقبال قوائم العناوين التي تُشارك بها دور العرض. ومع استكمال جميع الإجراءات الإدارية والقانونية، كانت كل الكتب الأجنبية في ميناء الجزائر الدولي، منذ اليوم الأول من شهر سبتمبر. ويؤكّد أمزيان أن محافظته لم تواجه مشاكل في شحن الكتب، مثلما حدث في الدورة الماضية، حيث واجه الناشرون، وخاصّة العرب، عراقيل على مستوى الجمارك، مضيفا ''قمنا بمجهودات لتحسيس الجمارك والأمن بأهمّية توفير ظروف جيّدة لاستقبال ضيوف الجزائر''. أجنحة فارغة على بعد يوم من الافتتاح لكن عددا من الأجنحة كان فارغا تماما، كما هو الحال بالنسبة لبعض دور النشر اللبنانية، مثل ''الفارابي''، ''الآداب''، ''مركز نينوى للدراسات''، و''الدار العربية للأبحاث''، إضافة إلى جناح ''منشورات لزهاري لبتر''، بينما كان اثنان من ممثّلي اتّحاد الناشرين التونسيين جالسين وسط خواء تام. ولدى سؤال ''الخبر'' عن سبب عدم وصول الكتب، أجاب ممثّل الجناح علي الفندري أن الكتب أُرسلت من تونس عبر ثلاث دفعات، وقد وصلت دفعتان إلى مطار هواري بومدين، في انتظار وصول الدفعة الأخيرة. أما صاحب دار نشر ''البشائر''، فتحي ربيع، الذي كان مشغولا بترتيب الكتب في جناحه، فقال ل''الخبر'' إن ربع كتبه فقط أُفرج عنه في المطار، بينما احتجزت بقيّة العلب بدعوى أنها ''تحتوي على مواد تعليمية''، رغم أن القائمين على الصالون أعطوه الموافقة على القائمة التي أرسلها، على حدّ تعبيره. وبينما كان الناشر المصري يعرب عن تذمّره، اقترب عون أمن منه ليخبره بأن على الناشرين مغادرة الموقع ابتداء من منتصف الليل، وترك التحضيرات إلى غاية يوم الأربعاء، وهو ما جعل استياءه يتضاعف، حيث قال إنه يستحيل عليه إكمال التحضيرات خلال الفترة المتبقّية، وهو ما أكّدته أيضا ل''الخبر''، إحدى القائمات على جناح منشورات ''غاليمار'' الفرنسية. ونُصبت في الموقع ثلاث خيمات خاصّة بعرض الكتب، منها الخيمة الرئيسية، إضافة إلى خيمتين خاصّتين بالنشاطات الثقافية والفكرية المصاحبة للصالون، وأخرى خاصّة ب''الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي''، التي تُشارك للمرّة الأولى في المعرض بجناح كامل، تستضيف فيه، بمساهمة ''الخبر''، شلّة من الأسماء اللامعة في مجال الأدب والإعلام من جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية وفرنسا. بينما خُصّصت 11 خيمة صغيرة للوجبات السريعة. عند مدخل الخيمة الرئيسية، تُقابلك دار ''الشروق'' المصرية، على اليمين، ومجموعة ''إيرولز''، و''دار الثقافة'' الأردنية على اليسار، ثم دور ''داليمان''، القصبة''، ودار ''أشات'' الفرنسية التي أنشأت جناحا ضخما بديكور متميّز، على طريقة البناء الجاهز، إضافة إلى مقر المحافظة والمركز الإعلامي، ومجموعة من المؤسّسات الرسمية، مثل المجلس الأعلى للغة العربية والمحافظة السامية للغة الامازيغية ومؤسّسة مفدي زكريا. وإن كان قرار نقل المعرض من قصر المعارض بالصنوبر البحري إلى ''خيمة'' المركّب الأولمبي، قبل ثلاث سنوات، قد أثار ضجّة كبيرة ووجه برفض من قبل عدد من الناشرين، فإنه لم يعد يحض بنقاش يُذكر، بعد أن ''فرضت'' الخيمة نفسها وباتت في السنوات الأخيرة ''موضة'' احتضنت العديد من النشاطات الثقافية والفنية، خاصّة في رمضان الماضي، وهو ما يرى فيه القائمون على صالون الكتاب أن قرارهم كان ''صائبا''. وقد أُضيفت للفضاء هذا العام أربعة آلاف متر مربّع، لتصل مساحته الإجمالية عشرين ألف متر مربّع، وهو الفضاء الذي من شأنه استيعاب التنامي المتزايد لدور النشر المشاركة في الصالون، والتي تجاوز عددها في هذه الدورة 500 دار نشر جزائرية وعربية أجنبية، وكذا الإقبال الكبير من الجمهور الذي تجاوز مليون زائر في اليوم الواحد، حسب الإحصاءات التي قدّمها أمزيان، الذي توقّع أن يرتفع الإقبال هذه السنة.