شرعت الحكومة في إحصاء كميات الوقود المهربة عبر الحدود الشرقية والجنوبية والغربية، لتقييم الأضرار التي يلحقها التهريب بالاقتصاد الوطني، ولدراسة إمكانية تصدير الوقود عبر الحدود. وتدرس وزارة الطاقة، بالتعاون مع المديريات العامة لشركتي سوناطراك ونفطال، إنجاز دراسة إنشاء مخازن كبرى وطنية لتخزين احتياطي استراتيجي وطني من مشتقات نفطية تستوردها الجزائر. شرعت مصالح الأمن بالتعاون مع الجمارك وشركة نفطال، في المناطق الحدودية، في إعداد تحقيق دقيق حول ظاهرة تهريب الوقود عبر الحدود الجنوبية والشرقية والغربية. ويتضمن التحقيق تقييم وإحصاء كمية الوقود المهرب عبر الحدود الجنوبية، وتحديد سعره فيما وراء الحدود. وكشف مصدر عليم بأن نتائج التحقيق الحالي مطلوبة على مستوى الحكومة، من أجل محاربة تهريب الوقود، عبر الترخيص لشركة نفطال بتصدير الوقود أو إنشاء شركات خاصة تقوم بتصدير الوقود بطرق قانونية عبر الحدود، كما هو معمول به في الكثير من الدول. ولم تفلح الإجراءات التي قررتها شركة نفطال الخاصة بتقنين بيع الوقود في أقصى الجنوب، في محاربة التهريب، حيث لجأ المهربون لتجهيز سياراتهم بخزانات إضافية تسمح بتهريب 400 لتر من البنزين بواسطة سيارات تويوتا ''أف جي ,''55 وهو ما يعني حصول المهرب على 200 أورو تقريبا في كل رحلة تهريب نحو مالي أو النيجر. وذكر مصدرنا أن الخزينة العمومية تتكبد خسائر ضخمة جراء توسع ظاهرة تهريب الوقود وبعض المشتقات النفطية عبر الحدود. وتشتبه مصالح الأمن، خاصة في أقصى الجنوب والجنوب الشرقي، في وجود صلة بين تهريب الوقود ونشاطات أخرى غير قانونية. وينشط مهربون، خاصة في الجنوب والشرق، في تهريب كميات ضخمة من زيوت تشحيم السيارات والوقود بمختلف أنواعه وإطارات السيارات، حيث ضبطت وحدات الدرك في الجنوب والحدود الشرقية مع ليبيا، خلال 6 أشهر فقط، 77 سيارة وشاحنة كانت تستغل في تهريب الوقود عبر الحدود. وأدى استفحال تهريب الوقود وزيوت المحركات إلى أزمة خانقة في الزيوت في الأشهر الأخيرة. كما قررت وزارة الطاقة تمويل برامج لزيادة قدرات تخزين بعض المنتجات البتروكيماوية الاستراتيجية على مستوى مصالح شركة نفطال. وأمرت شركة نفطال مديرياتها الجهوية بإعداد دراسات تقنية واختيار الأرضية لإنشاء خزانات وصهاريج كبيرة تستوعب ملايين الأمتار المكعبة من زيت تشحيم المحركات وبعض المنتجات البتروكيماوية، مثل وقود الطائرات من فئة ''جيت ألف''. وكشف مصدر على صلة بالملف بأن وزارة الطاقة قررت، بعد الأزمة التي شهدتها الأشهر الماضية في بعض المنتجات البتروكيماوية، زيادة قدرات التخزين خاصة في مجال بعض المنتجات الحيوية، مثل زيت تشحيم المحركات ووقود الطائرات والإطارات المطاطية لبعض أنواع السيارات. وشرعت عدة مديريات جهوية تابعة لشركتي نفطال وسوناطراك في إعداد دراسات جديدة لإنشاء خزانات وصهاريج تستوعب كميات كبيرة من المنتجات البتروكيماوية. وكشف مصدرنا أن المشكلة الحالية التي تعاني منها السوق الجزائرية في مجال زيوت تشحيم المحركات، تعود لزيادة الطلب على المستوى الوطني، خاصة مع انتشار التهريب وضعف استيراد بعض المنتجات البتروكيماوية التي سمحت الدولة للخواص باستيرادها. وتسمح السياسة الجديدة التي تنتهجها وزارة الطاقة بتوفير المنتجات النفطية الأكثر طلبا على المستوى الوطني.