دعا فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان، إلى تحديد مدة عقوبة الممنوعين من العودة إلى السياسة، من نشطاء ومناضلي الفيس المحظور، وأن تكون هذه العقوبة فردية وليست جماعية، كما هو وارد في ميثاق المصالحة. وأوضح بأن سياسة المصالحة ''نجحت في ثني الآلاف من الأشخاص عن الالتحاق بمعاقل الإرهاب''. وقال فاروق قسنطيني، في نقاش مفتوح حول نتائج المصالحة، جرى أمس بمقر صحيفة ''المجاهد'' بالعاصمة، إن التعاطي مع موضوع المصالحة (أمس مرت ست سنوات على استفتاء المصالحة)، ينطلق دائما من إحصاء عدد المسلحين الذين طلّقوا معاقل السلاح، بينما حقيقة المصالحة، حسب المحامي الحقوقي، ''أنها نجحت في ثني الآلاف من الأشخاص عن الالتحاق بمعاقل الإرهاب''. وأوضح رئيس اللجنة المرتبطة برئاسة الجمهورية بأن المصالحة ''حققت أهدافها وينبغي أن نهنئ أنفسنا بذلك''. وقال بشأن عفو شامل ذكره الرئيس بوتفليقة في أحد الأيام، على سبيل احتمال اتخاذه لفائدة المسلحين، أنه قرار سياسي لا أحد بإمكانه بلورته وإصداره إلا بوتفليقة. وأضاف: ''قلت رأيي في هذا الأمر، وهو أن الكثير من الدول عرفت ظروفا شبيهة بظروف الجزائر اختارت العفو الشامل لعلاج أزمتها، فلماذا لا تفعل الجزائر نفس الشيء؟''. وعلى عكس ما يراه كثيرون بأن سياسة المصالحة، أضعفت قوة تصدي قوات الأمن للإرهاب وزرعت في الجيش التراخي، يقول قسنطيني إن الدولة لم تدعم قدراتها بآليات مكافحة الإرهاب، بمثل ما قامت به خلال فترة تطبيق المصالحة. داعيا في نفس المناسبة إلى صرف تعويضات للمتضررين ماديا من الإرهاب، مثل الذين تحطمت بيوتهم. إلى جانب تعويض ما يعرفون ب''معتقلي الصحراء''. وبدا قسنطيني متأكدا بأن هاتين الفئتين ستتحصلان على التعويض في إطار تدابير تكميلية مفترضة للمصالحة. مشيرا إلى أن السلطات المغربية صرفت 500 مليون دولار لفائدة ضحايا نظام الملك الحسن الثاني، وأن الجزائر تملك قدرات مالية أكبر من المغرب، والمطلوب بالتالي، حسب قسنطيني، أن تصرف الدولة تعويضات لكل ضحايا الأزمة. وانتقد قسنطيني ''من يقول بأن المصالحة لن تنهي الإرهاب.. ولكن الهدف من المصالحة لم يكن القضاء على الأزمة نهائيا، وإنما استعادة السلم والأمن، وهو ما تم بشكل كبير، أما الأزمة الأمنية في جوانبها الاجتماعية والاقتصادية تظل قائمة وبحاجة إلى معالجة''. وشنّ المحامي مروان عزي، رئيس ''خلية المساعدة القضائية'' ذات الصلة بملفات المصالحة، هجوما على جمعيات عائلات المفقودين، التي اتهمها ب''استغلال مأساة'' ذوي المفقودين. ودعاها، أثناء تدخله، إلى التخلي عما يسمى ''مطلب الحقيقة والعدالة''، بمعنى الكشف عن المتورطين في ملف الاختفاءات القسرية. وقال عزي: ''في رأيي لم يحن الوقت للبحث عن المسؤولين عن مأساة المفقودين، ولو نزلنا عند من يريد ذلك سوف نفتح بابا نحن في غنى عنه''. وأضاف: ''لا يمكن أن ننكر وجود تجاوزات في هذا الملف، أما من أعطى التعليمات ومن يقف وراء الاختفاءات القسرية، هل هم أشخاص أم مؤسسات؟ كل هذا سنعرفه يوما ما، ولكن ليس من مصلحة البلاد فتح هذا الموضوع اليوم''.