اهتز الرأي العام الفرنسي لخبر إطلاق ريبيري اسم ''سيف الإسلام'' على مولوده الجديد، ورأوا في ذلك تحدّيا لساركوزي وسياسته في ليبيا، وموقفه من استخدام الرموز الدينية.. وبذلك يخرج ريبيري من فضيحة الفتاة اللعوب، ليدخل من بوابة الصراع بين الشمال والجنوب (..) وهذه الأيّام أيضا عاد الفيل الإيفواري ديديي دروغبا إلى الواجهة، بعد أن اختاره الرئيس وتارا عضوا في لجنة الحقيقة والعدالة التي أنشئت لوأد الفتنة الإيفوارية، وبذلك يكون نجم تشيلسي قد اختار شباك السياسة على غيرها من الشباك التي ألِف هزّها.. ليس ريبيري ودروغبا وحدهما من طرقا أبواب السياسة، فهناك النجم الليبيري جورج ويّا الذي عندما علّق حذاءه على مشجب الاعتزال كان وطنه يبحث عن منقذ من حرب أهليه أتت على الأخضر واليابس وما بينهما.. ورأى الليبيريون الأمل في اللاعب الأفضل في العالم في التسعينات، وقالوا ما دام المستر جورج نجح في هزّ شباك الملاعب، فهو قادر على هز شباك الفتنة، ودخل اللاعب معترك السياسة مرشحا للرئاسة، لكن اليد الخفية أخرجته من ملعب لا يقوى عليه إلا الراسخون في اللعب بالكراسي.. وخرج جورج إلى حيث لا ندري. وعلق أصحاب الشأن على ذلك بقولهم يمكن أن تنجح بقدميك حيث لا ينفع رأسك. وعندما جعل الرئيس الروسي يلتسين لاعب الجيدو فلاديمير بوتين خليفة له، تحرك أصحاب النوايا السيئة والخبيثة، إما دعما له كما فعل مالك النادي الإنكليزي الشهير تشيلسي الثري رومان أبراموفيتش الذي تفيد التقارير الصحفية أنه يحظى بمكانة الأبوة لدى حاكم الكرملين.. بينما لا يتوانى بطل العالم للشطرنج غاري كاسباروف في مناوءة بوتين وشق عصا الطاعة السياسية باستمرار، بل إنه لم يتردد في انتخابات الرئاسة للعهدة الثانية عن إعلان ترشحه ومهاجمة الجيدوكا على رقعة روسيا، وكأن الأمر بالنسبة لكاسباروف إسقاط بوتين لا يختلف عن إسقاط الفيل للقلعة أو كأن تعبث الملكة بالشاه.. واستمر النزاع بين بطل الشطرنج وهاوي الجيدو طويلا حتى سمع الناس بأن اللعبة انتهت، وأن اللعب بالرأس أحيانا لا ينفع خبراء الشطرنج، لأن المصارع السياسي لن يكون بحاجة إلى أن يستخدم فكره في إسقاط منافسه، ويكتفي بحركة لا يتقنها إلا أحفاد سلالة بوتين وراسبوتين. وعلق أصحاب ألسنة السوء بقولهم أما كان على كاسباروف أن يفكر في ابتداع بيدق جديد في رقعة الشطرنج على مغالبة الدب الهادئ.. ولكن الشيء الآخر الذي لم ينتبه إليه جمهور الرياضة وحتى السياسة هو سطوع نجم برشلونة الإسباني، خوان لابورتا، الرئيس السابق الأكثر تتويجا في السنوات الأخيرة، وصاحب الفريق الأفضل في العالم، وليس مرد تألقه نيله كأس إسبانيا وبطولتها، ولا حتى نيل كأس أوروبا للأندية البطلة، ولا نيل كأس السوبر إسبانيا وأوروبيا، ولا نيل كأس العالم للأندية التي احتضنتها أبو ظبي، ولا نيل نجم برشلونة ليونيل ميسي لقب أفضل لاعب في العالم، ولا إحرازه الكرة الذهبية.. فالألقاب كثيرة ومتعددة، ولكن لابورتا الشاب الوسيم، الذي يتقن الحديث بأكثر من لغة، يشكل اليوم واحدا من رموز الانفصال الكاتالوني بإسبانيا، أي أنه سياسيا يقوم بعمل يتقاطع بمفارقة عجيبة وانتشاره في العالم.. فبقدر تألق ناديه في القارات الخمس، يفكر هو جديا في إخراج كاتالونيا من خريطة إسبانيا.. ومجاهرته المستمرة بالانفصال عن الحكم المركزي في إسبانيا، وتحوّله إلى واحد من رموز هذه المطالبة السياسية، والمناضلين من أجل تحقيق حلم يراود أهل هذه المقاطعة، يجعل منه شخصية تمشي على مسارين: رياضي يتجه نحو العولمة، وسياسي يدعو إلى الانفصال.. وبالتالي فرصيده مع برشلونة يرتفع مع ميسي وإنييستا وتشافي، بينما يتقلص لدى الجماهير الإسبانية التي لا ترى في الانفصال مبررا لتقسيم إسبانيا.. وربما يؤيد هذا الرأي عشاق الريال.. وكلّما اتسعت ملاعب الكرة، زادت ملاعب السياسة اتساعا..