العملية العسكرية التي قادها ساركوزي وكامرون في ليبيا تحت لواء الناتو، والتي أريد لها أن تكون عملية سريعة ودقيقة تؤدي إلى إزاحة نظام القذافي خلال أيام معدودات، تحولت بعد سبعة أشهر إلى حرب إبادة يواجه فيها أهل ليبيا الأمرين بشهادة كل منظمات حقوق الإنسان العالمية التي بدأت تدق ناقوس الخطر بخصوص المآسي التي يعيشها الليبيون في مدينتي سرت وبني وليد، إلى درجة أن القس جيوفاني مارتينالي الكاثوليكي وجه أمس نداء استغاثة داعيا الدول الأوروبية إلى التدخل لوضع حد للمجازر التي ترتكب في حق الليبيين بمدينة سرت.. مدينة سرت المحاصرة منذ أسابيع، أصبحت عبارة عن مدينة شبح يخيم عليها الموت وتنبعث منها رائحة الجثث، ويعيش فيها ليبيون من دون ماء ولا طعام ولا كهرباء ولا دواء، ويتعرض الأطفال فيها للقصف بالصواريخ يوميا، سواء بفعل الموالين للقذافي أو المسلحين الموالين للمجلس الانتقالي. اليوم كل الأنظار تتجه صوب الرئيس ساركوزي وصديقه هانري ليفي، اللذين بادرا بفكرة التدخل العسكري في ليبيا، لمطالبتهما بإيجاد حل للوضعية الكارثية التي يعيشها الشعب الليبي ليس في سرت فحسب، بل وكذلك إيجاد الحلول للمشاكل التي يعيشها الليبيون في طرابلس مع حاملي السلاح الذين حولوا حياة الناس إلى جحيم، ومطالبتهما بإيجاد أنجع السبل التي تمكن من استعادة آلاف الصواريخ التي اختفت في ليبيا، وربما توجد الآن بين أيدي الجهاديين في صحراء الساحل، وليس من المستبعد أن تكون قد وصلت أفغانستان ولم لا العراق ومناطق أخرى. إنها الحسابات الخاطئة لساركوزي الذي قاد المجموعة الدولية إلى نزاع مسلح دون أن تكون له خطة الخروج منه. وهو نفس الخطأ الذي ارتكبه بوش الابن الذي لم تكن لديه خطة الخروج من النزاع المسلح في العراق وأفغانستان.