يقدم الدكتور محي الدين عميمور في كتابه الصادر حديثا بعنوان ''نحن والعقيد.. صعود وسقوط معمر القذافي''، شخصية العقيد الليبي وفق مسارين اثنين، الأول يقوم على التألق، ويحيل إلى مواقف القذافي الرافضة للتدخل الأمريكي في العراق وتضامنه مع القضايا العربية والإفريقية، والثاني سلبي مرتبط بالتعامل السيء الذي سلكه القذافي مع ''الثورة الليبية''. يجيب الدكتور عميمور في كتابه على عدد من الأسئلة الشائكة، منها ''من هو العقيد معمر القذافي على وجه التحديد؟ وهل هو كفاءة فذة أم عبقرية منحرفة؟''، ''هل هو قمة فكرية سامية متميزة، أم مستنقع أفكار مبعثرة ذات ضجيج كنقيق الضفادع؟''، و''هل هو رائد نضال يعبر عن أمة وقدوة يترجم إرادة شعب، أم تاجر بلاغيات أحسن التلاعب بها ردحا من الزمن؟''. وقدم عميمور تشريحا معمقا لشخصية العقيد الليبي، بالتركيز على شطحاته وفكره التآمري، ومستواه الثقافي المحدود الذي امتاز بالهراء الفكري، منها فكرته المتعلقة بإقامة دولة ''إسراطين''، أي الجمع بين إسرائيل وفلسطين في دولة واحدة. ويروي عميمور، استنادا لشهادة عبد الرحمن شلقم، أن القذافي كان يعتقد أن ''الديمقراطية كلمة مكوّنة من جزأين، أولها كلمة ''ديمو'' (التي تعني الشعب) وهي (كما قال) تطوير لكلمة الدهماء، و''كراسي'' (وتعني الحكم)، وهو يستنتج أن الديمقراطية تعني الجماهير يجلسون على كراسي الحكم''. ويتناول الكتاب جوانب من العلاقة المضطربة بين القذافي والجزائر، والتي تترجمها مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين التالية: ''أي ثورة يتكلم عنها العقيد.. الملك إدريس كان شيخا هرما، وكانت السلطة مرمية في الشارع، فالتقطها معمر.. إنه رجل لا يفرق بين الدم والحبر الأحمر''. ويستخلص المؤلف أن ليبيا في عهد القذافي تحوّلت من جمهورية إلى ''جملوكية''، بعد أن طال بقاؤه في السلطة. وجاء الكتاب مليئا بكثير من الأحداث التي تغوص في ليبيا القذافي وعلاقته بالجزائر وبالعالم، يقدمها الدكتور عميمور بأسلوب صحفي شيّق، يعتمد على معلومات غزيرة، حتى أن هوامش الكتاب تصلح لوحدها أن تكون كتابا مستقلا.